ما علم آصف بن برخيا الملك، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه، ولم يشعر بذلك سليمان، ولما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه، وقالوا للناس: إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه، فلما علم علماء بني إسرائيل قالوا: معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان، وأما السفلة فقالوا: هذا علم سليمان، وأقبلوا على تعلمه، ورفضوا كتب أنبيائها، ففشت الملامة لسليمان، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عذر سليمان على لسانه ونزل براءته مما رمى به فقال - واتبعوا ما تتلوا الشياطين - الآية.
أخبرنا سعيد بن العياش القرشي كتابة أن الفضل بن زكرياء حدثهم، عن أحمد ابن نجدة، عن سعيد بن منصور، عن عثمان بن بشير عن حصيفة قال: كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال: لأي داء أنت؟ فتقول لكذا وكذا، فلما نبتت شجرة الخروبة قال: لأي شئ أنت؟ قالت لخراب بيتك، قال: تخربينه؟ قالت: نعم، قال: بئس الشجرة أنت، فلم يلبث أن توفى، فجعل الناس يقولون في مرضاهم: لو كان مثل سليمان، فأخذت الشياطين فكتبوا كتابا وجعلوه في مصلى سليمان وقالوا: نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوى به، فانطلقوا فاستخرجوا ذلك فإذا فيه سحر ورقى - فأنزل الله تعالى - واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان - إلى قوله - فلا تكفر - قال السرى: إن الناس في زمن سليمان كتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه، فأخذ سليمان تلك الكتب فدفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك، ولما مات سليمان وذهب به كانوا يعرفون دفن الكتب، فتمثل شيطان على صورة إنسان فأتى نفرا من بني إسرائيل وقال: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا؟ قالوا نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسي فحفروا فوجدوا تلك الكتب، فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان ضبط الجن والإنس والشياطين والطيور بهذا، فأخذ بنو إسرائيل تلك الكتب، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود، فبرأ الله عز وجل سليمان من ذلك، وأنزل هذه الآية.
* قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) الآية. قال ابن عباس في