تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٥٦
أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم * (105) *، ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير * (106) * ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير * (107) * أم تريدون أن تسلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالأيمن فقد ضل سواء السبيل * (108) * ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شئ قدير * (109) * وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير * (110) * وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * (111) * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون * (112) * وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل
____________________
(أن ينزل (1) عليكم) مفعول يود (من خير) هو الوحي ومن مزيدة للاستغراق (من ربكم والله يختص برحمته) بالنبوة (من يشاء) ولا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة (والله ذو الفضل العظيم) يشعر بأن النبوة من الفضل (ما ننسخ (2) من آية) بأن نرفع حكمها (أو ننسها (3)) بأن نمحو من القلوب رسمها (نأت بخير منها) بما هو أعظم لثوابكم وأجل لصلاحكم (أو مثلها) من الصلاح أي لا ننسخ ولا نبدل إلا وغرضنا في ذلك مصالحكم (ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير) ألم تعلم خطاب للنبي وأمته لقوله تعالى (وما لكم) وأفرد لأنه أعلمهم أو لمنكر النسخ (أن الله له ملك السماوات والأرض) فهو يملك أموركم ويجريها على ما يصلحكم من النسخ وغيره (وما لكم من دون الله من ولي) يقوم بأمركم (ولا نصير) ينصركم (أم تريدون) أيها الكفار واليهود (أن تسألوا (4) رسولكم) ما تقترحوا من الآيات (كما سئل موسى (5) من قبل) واقترح عليه نزلت في أهل الكتاب حين سألوه أن ينزل عليهم كتابا من السماء أو في المشركين حين قالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا إلى قولهم أو تأتي بالله والملائكة قبيلا (ومن يتبدل الكفر بالإيمان) ترك الثقة بالآيات المنزلة وشك فيها واقترح غيرها (فقد ضل سواء السبيل) أي وسطه فلا يصل إلى المقصود (ود كثير من أهل الكتاب) كحي بن أخطب ونظرائه (لو يردونكم) يرجعونكم (من بعد إيمانكم كفارا) مفعول ثان ليردون أو حال من مفعوله (حسدا) علة ود (من عند أنفسهم) متعلق بود أي تمنوا ذلك من قبل أنفسهم لا من قبل التدين أو حسدا منبعثا من أنفسهم (من بعد ما تبين لهم الحق) صدق محمد (فاعفوا واصفحوا) اتركوا العقوبة والتثريب (حتى يأتي الله بأمره) فيهم بالقتل يوم فتح مكة أو ضرب الجزية أو قتل قريظة وإجلاء النضير (إن الله على كل شئ قدير) فيقدر على الانتقام منهم (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) كأنهم أمروا بهما للاستعانة على مشقة العفو (وما تقدموا لأنفسكم من خير) كصلاة وإنفاق (تجدوه) تجدوا ثوابه (عند الله إن الله بما تعملون بصير) لا يضيع لديه عمل (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) جمع بين قوليهما لا من اللبس بعلم السامع بالتعادي بينهما وهود جمع هائد وإفراد الاسم وجمع الخبر باعتبار اللفظ والمعنى (تلك) الأماني (أمانيهم) التي يتمنونها بلا حجة (قل هاتوا برهانكم) على اختصاصكم بالجنة (إن كنتم صادقين) في قولكم إذ ما لا دليل عليه باطل (بلى) رد لمقالتهم (من أسلم وجهه) أخلص نفسه (لله) لما سمع الحق (وهو محسن) في عمله لله (فله أجره عند ربه) ثابتا لديه ومن شرطية أو موصولة والجملة جوابها أو خبرها والفاء لتضمنها معنى الشرط فالرد بلى وحده أو من فاعل فعل مقدر أي بلى يدخلها من أسلم (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) في الآخرة (وقالت اليهود ليست النصارى (6) على شئ) من الدين (وقالت النصارى (6) ليست اليهود على شئ) وقيل نزلت

(1) - أن ينزل: بضم الياء وسكون النون.
(2) - ما ننسخ: بضم النون وكسر السين.
(3) أو ننساها.
(4) أن تسلوا.
(5) كما سيل موسى.
(6) النصارى: بكسر الراء.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»