تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٥٤
من كان عدوا لله وملئكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو للكافرين * (98) * ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون * (99) * أوكلما عهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون * (100) * ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون * (101) * واتبعوا ما تتلوا الشيطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشيطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هروت ومروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون * (102) * ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون * (103) * يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم * (104) * ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين
____________________
بما قدمت أيديهم (1) موجبات النار كالكفر بمحمد والقرآن وتحريف التوراة وعبر عن النفس باليد لأنها آلة للإنسان بها عامة صنائعه والجملة إخبار بالغيب وكان كما أخبر (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنه (عليه السلام) لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه وما بقي على وجه الأرض يهودي (والله عليم بالظالمين) تهديد لهم (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) ليأسهم عن نعم الآخرة (ومن الذين أشركوا) محمول على المعنى أي أحرص من الناس ومن الذين أشركوا أفردوا بالذكر لشدة حرصهم إذ لم يعرفوا إلا الحياة الدنيا (يود) يتمنى (أحدهم لو يعمر ألف سنة) حكاية لما ودوا و (لو) بمعنى ليت (وما هو) التعمير ألف سنة (بمزحزحه من العذاب) بمباعده منه (أن يعمر) بدل التعمير عن الضمير لئلا يتوهم عوده إلى التمني أو الضمير لا إلى أحدهم وأن يعمر فاعل مزحزحه أي ما واحدهم منجية عن النار تعميره (والله بصير بما يعملون) عليم بأعمالهم (قل من كان عدوا لجبريل (2)) وقرئ جبرئيل كسلسبيل وبفتح الجيم وكسر الراء وبلا همزة كقنديل نزلت لما قال اليهود لو كان الذي يأتيك ميكائيل آمنا بك فإنه ملك الرحمة وجبرائيل ملك العذاب وهو عدونا (فإنه) أي جبرائيل (نزله) أي القرآن (على قلبك) أي على فهمك وحفظك وكان حقه على قلبي فجاء على حكاية كلام الله كأنه قيل قل ما تكلمت به (بإذن الله) بأمره (مصدقا لما بين يديه) من كتب الله (وهدى وبشرى للمؤمنين) أحوال من مفعوله وجزاء الشرط فإنه نزله أي من عاد منهم جبرئيل فغير منصف لأنه ينزل كتابا يصدق الكتاب السالفة فحذف الجزاء وأقيم علته مقامه أو من عاداه فبسبب أنه نزل عليك (من كان عدوا لله) مخالفا له (وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل (3)) أفردا بالذكر لفضلهما كأنهما من جنس آخر ولأن النزاع كان فيهما (فإن الله عدو للكافرين) يفعل بهم ما يفعل العدو بالعدو وأقيم الظاهر مقام المضمر ليفيد أنه تعالى عاداهم لكفرهم وأن عداوة المذكورين كفر (ولقد أنزلنا إليك آيات بينات) القرآن ودلائله الواضحات نزلت حين قال اليهود ما جئتنا بشئ نعرفه وما أنزل عليك من آية فنتبعك (وما يكفر بها إلا الفاسقون أو كلما) الهمزة للإنكار والواو عاطفة على مقدر أي أكفروا بالآيات وكلما (عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم) نقضه وطرحه وقيل منهم لأن بعضهم لم ينقض (بل أكثرهم لا يؤمنون (4)) بالتوراة فلا يبالون بنقض العهد (ولما جاءهم رسول من عند الله) محمد أو عيسى أو القرآن (مصدق لما معهم) من التوراة أو موسى (نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله) التوراة وسائر كتب الله لأن كفرهم بالمصدق لها كفر بها (وراء ظهورهم) مثل تركهم إياه كمن ترك المرمى وراء الظهر استغناء عنه (كأنهم لا يعلمون) أنه كتاب الله أي علموا وعاندوا (واتبعوا) عطف على نبذوا (ما تتلوا الشياطين) أي نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة التي تقرؤها أو تتبعها الشياطين من الجن أو الإنس أو منهما (على ملك سليمان) على عهده زعما منهم أنه بالسحر نال ما نال (وما كفر سليمان) ولا استعمل السحر كما

(1) - أيديهم: بضم الهاء.
(2) - فجبرئيل.
(3) - جبرئيل: جبرئيل. ميكائيل.
(4) - لا يؤمنون.
(٥٤)
مفاتيح البحث: أهل الكتاب (1)، بابل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»