قوله تعالى: " يوم يكون الناس كالفراش المبثوث " ظرف متعلق بفعل مقدر نحو أذكر وتقرع وتأتي، والفراش على ما نقل عن الفراء الجراد الذي ينفرش ويركب بعضه بعضا وهو غوغاء الجراد. قيل: شبه الناس عند البعث بالفراش لان الفراش إذا ثار لم يتجه إلى جهة واحدة كسائر الطير وكذلك الناس إذا خرجوا من قبورهم أحاط بهم الفزع فتوجهوا جهات شتى أو توجهوا إلى منازلهم المختلفة سعادة وشقاء. والمبعوث من البث وهو التفريق.
قوله تعالى: " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " العهن الصوف ذو ألوان مختلفة، والمنفوش من النفش وهو نشر الصوف بندف ونحوه فالعهن المنفوش الصوف المنتشر ذو ألوان مختلفة إشارة إلى تلاشي الجبال على اختلاف ألوانها بزلزلة الساعة.
قوله تعالى: " فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية " إشارة إلى وزن الأعمال وأن الأعمال منها ما هو ثقيل في الميزان وهو ما له قدر ومنزلة عند الله وهو الايمان وأنواع الطاعات، ومنها ما ليس كذلك وهو الكفر وأنواع المعاصي ويختلف القسمان أثرا فيستتبع الثقيل السعادة ويستتبع الخفيف الشقاء، وقد تقدم البحث عن معنى الميزان في تفسير السور السابقة.
وقوله: " في عيشة راضية " العيشة بكسر العين كالجلسة بناء نوع، وتوصيفها براضية - والراضي صاحبها - من المجاز العقلي أو المعنى في عيشة ذات رضى.
قوله تعالى: " وأما من خفت موازينه فأمه هاوية " الظاهر أن المراد بهاوية جهنم وتسميتها بهاوية لهوي من القي فيها أي سقوطه إلى أسفل سافلين قال تعالى: " ثم رددنا أسفل سافلين إلا الذين آمنوا " التين: 6.
فتوصيف النار بالهاوية مجاز عقلي كتوصيف العيشة بالراضية وعد هاوية اما للداخل فيها لكونها مأواه ومرجعه الذي يرجع إليه كما يرجع الولد إلى أمه.
وقيل: المراد بأمه أم رأسه والمعنى فأم رأسه هاوية أي ساقطة فيها لأنهم يلقون في النار على أم رأسهم، ويبعده بقاء الضمير في قوله: " ما هيه " بلا مرجع ظاهر.
قوله تعالى: " وما ادراك ماهية " ضمير هي لهاوية، والهاء في " هيه " للوقف والجملة تفسير تفيد تعظيم أمر النار وتفخيمه.
قوله تعالى: " نار حامية " أي حارة شديدة الحرارة وهو جواب الاستفهام في " ماهية " وتفسير لهاوية.