ما أكلت طعاما أطيب منه قط ولا أنظف ولكن ذكرت الآية التي في كتاب الله عز وجل " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما يسألكم عما أنتم عليه من الحق.
وفيه بإسناده عن أبي حمزة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا وأتينا بتمر تنظر فيه أوجهنا من صفائه وحسنه فقال رجل:
لتسألن عن هذا النعيم الذي تنعمتم به عند ابن رسول الله فقال أبو عبد الله عليه السلام إن الله عز وجل أكرم وأجل أن يطعم طعاما فيسوغكموه ثم نسألكم عنه إنما يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أقول: وهذا المعنى مروي عن أئمة أهل البيت عليهم السلام بطرق أخرى وعبارات مختلفة وفي بعضها أن النعيم ولايتنا أهل البيت، ويؤل المعنى إلى ما قدمناه من عموم النعيم لكل نعمة أنعم الله بها بما أنها نعمة.
بيان ذلك أن هذه النعم لو سئل عن شئ منها فليست يسأل عنها بما أنها لحم أو خبز أو تمر أو ماء بارد أو أنها سمع أو بصر أو يد أو رجل مثلا وإنما يسأل عنها بما أنها نعمة خلقها الله للانسان وأوقعها في طريق كماله والحصول على التقرب العبودي كما تقدمت الإشارة إليه وندبه إلى أن يستعملها شكرا لا كفرا.
فالمسؤول عنها هي النعمة بما أنها نعمة، ومن المعلوم ان الدال على نعيمية النعيم وكيفية استعماله شكرا والمبين لذلك كله هو الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونصب لبيانه الأئمة من أهل بيته فالسؤال عن النعيم مرجعه السؤال عن العمل بالدين في كل حركة وسكون ومن المعلوم أيضا أن السؤال عن النعيم الذي هو الدين سؤال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من بعده الذين افترض الله طاعتهم وأوجب اتباعهم في السلوك إلى الله الذي طريقه استعمال النعم كما بينه الرسول والأئمة.
وإلى كون السؤال عن النعيم سؤالا عن الدين يشير ما في رواية أبي خالد من قوله:
" إنما يسألكم عما أنتم عليه من الحق ".
وإلى كونه سؤالا عن النعيم الذي هو النبي وأهل بيته يشير ما في روايتي جميل وأبي حمزة السابقتين من قوله: " يسأل هذه الأمة عما أنعم الله عليها برسوله ثم بأهل بيته " أو ما في معناه، وفي بعض الروايات: " النعيم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنعم الله به على أهل العالم