تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٤٦
صفة أصحاب الخيل ونسبتها إلى الخيل مجاز، والمعنى فاقسم بالخيل الهاجمات على العدو بغتة في وقت الصبح.
وقيل: المراد بها الآبال ترتفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى والسنة أن لا ترتفع حتى تصبح، والإغارة سرعة السير وهو خلاف ظاهر الإغارة.
قوله تعالى: " فأثرن به نقعا " أثرن من الإثارة بمعنى تهييج الغبار ونحوه، والنقع الغبار، والمعنى فهيجن بالعدو والإغارة غبارا.
قيل: لا بأس بعطف " أثرن " وهو فعل على ما قبله وهو صفة لأنه اسم فاعل وهو في معنى الفعل كأنه قيل: أقسم باللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن.
قوله تعالى: " فوسطن به جمعا " وسط وتوسط بمعنى، وضمير " به " للصبح والباء بمعنى في أو الضمير للنقع والباء للملابسة.
والمعنى فصرن في وقت الصبح في وسط جمع والمراد به كتيبة العدو أو المعنى فتوسطن جمعا ملابسين للنقع.
وقيل: المراد توسط الآبال جمع منى وأنت خبير بأن حمل الآيات الخمس بما لمفرداتها من ظواهر المعاني على إبل الحاج الذين يفيضون من جمع إلى منى خلاف ظاهرها جدا.
فالمتعين حملها على خيل الغزاة وسياق الآيات وخاصة قوله: " فالمغيرات صبحا " " فوسطن به جمعا " يعطي أنها غزاة بعينها أقسم الله فيها بخيل المجاهدين العاديات والفاء في الآيات الأربع تدل على ترتب كل منها على ما قبلها.
قوله تعالى: " إن الانسان لربه لكنود " الكنود الكفور، والآية كقوله: " إن الانسان لكفور " الحج: 66، وهو إخبار عما في طبع الانسان من اتباع الهوى والانكباب على عرض الدنيا والانقطاع به عن شكر ربه على ما أنعم عليه.
وفيه تعريض للقوم المغار عليهم، وكأن المراد بكفرانهم كفرانهم بنعمة الاسلام التي أنعم الله بها عليهم وهي أعظم نعمة أوتوها فيها طيب حياتهم الدنيا وسعادة حياتهم الأبدية الأخرى.
قوله تعالى: " وإنه على ذلك لشهيد " ظاهر اتساق الضمائر أن يكون ضمير " وإنه " للانسان فيكون المراد بكونه شهيدا على كفران نفسه بكفران نفسه علمه المذموم وتحمله له.
فالمعنى وإن الانسان على كفرانه بربه شاهد متحمل فالآية في معنى قوله: " بل
(٣٤٦)
مفاتيح البحث: الحج (2)، الشهادة (1)، الخمس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست