فقد اتفقت أخبار أهل البيت عليهم السلام انها باقية متكررة كل سنة، وانها ليلة من ليالي شهر رمضان وانها إحدى الليالي الثلاث.
وأما من طرق أهل السنة فقد اختلفت الروايات اختلافا عجيبا يكاد لا يضبط والمعروف عندهم انها ليلة سبع وعشرون فيها نزلت القرآن، ومن أراد الحصول عليها فليراجع الدر المنثور وسائر الجوامع.
وفي الدر المنثور اخرج الخطيب عن ابن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت بني أمية يصعدون منبري فشق ذلك علي فأنزل الله إنا أنزلناه في ليلة القدر.
أقول: وروى أيضا مثله عن الخطيب في تاريخه عن ابن عباس، وأيضا ما في معناه عن الترمذي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن الحسن بن علي وهناك روايات كثيرة في هذا المعنى من طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وفيها أن الله تعالى سلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بإعطاء ليلة القدر وجعلها خيرا من الف شهر وهي مدة ملك بني أمية.
وفي الكافي بإسناده عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال له بعض أصحابنا ولا أعلمه إلا سعيد السمان: كيف تكون ليلة القدر خيرا من الف شهر؟
قال: العمل فيها خير من العمل في الف شهر ليس فيها ليلة القدر.
وفيه بإسناده عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن حمران أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: " إنا أنزلناه في ليلة مباركة " قال: نعم ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر قال الله عز وجل:
" فيها يفرق كل أمر حكيم ".
قال: يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل: خير وشر طاعة ومعصية ومولود وأجل أو رزق فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم ولله عز وجل فيه المشية.
قال: قلت: " ليلة القدر خير من الف شهر " أي شئ عنى بذلك؟ فقال: والعمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، ولولا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا ولكن الله يضاعف لهم الحسنات.
أقول: وقوله: ولله فيه المشية يريد به إطلاق قدرته تعالى فله أن يشاء ما يشاء