جمع لا يقال: قرأت القوم إذا جمعتهم، ويدل على ذلك أنه لا يقال: للحرف الواحد إذا تفوه به: قراءة انتهى.
وعلى أي حال، يقال: قرأت الكتاب إذا جمعت ما فيه من الحروف والكلمات بضم بعضها إلى بعض في الذهن وإن لم تتلفظ بها، ويقال: قرأته إذا جمعت الحروف والكلمات بضم بعضها إلى بعض في التلفظ، ويقال قرأته عليه إذا جمعت بين حروفه وكلماته في سمعه ويطلق عليها بهذا المعنى التلاوة أيضا قال تعالى: " رسول من الله يتلو صحفا مطهرة " البينة: 2.
وظاهر إطلاق قوله: " اقرأ " المعنى الأول والمراد به الامر بتلقي ما يوحيه إليه ملك الوحي من القرآن فالجملة أمر بقراءة الكتاب وهي من الكتاب كقول القائل في مفتتح كتابه لمن أرسله إليه: اقرأ كتابي هذا واعمل به فقوله هذا أمر بقراءة الكتاب وهو من الكتاب.
وهذا السياق يؤيد أولا ما ورد أن الآيات أول ما نزل من القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وثانيا أن التقدير اقرأ القرآن أو ما في معناه، وليس المراد مطلق القراءة باستعمال " اقرأ " استعمال الفعل اللازم بالاعراض عن المفعول، ولا المراد القراءة على الناس بحذف المتعلق وإن كان ذلك من أغراض النزول كما قال: " وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " أسرى: 106، ولا أن قوله: " باسم ربك " مفعول " اقرأ " والباء زائدة والتقدير اقرأ اسم ربك أي بسمل.
وقوله: " باسم ربك " متعلق بمقدر نحو مفتتحا ومبتدء أو باقرء والباء للملابسة ولا ينافي ذلك كون البسملة المبتداة بها السورة جزء من السورة فهي من كلام الله افتتح سبحانه بها وأمر أن يقرء مبتدء بها كما أمر أن يقرء قوله: " اقرأ باسم " الخ ففيه تعليم بالعمل نظير الامر بالاستثناء في قوله: " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله " الكهف: 24 فافهم ذلك.
وفي قوله: " ربك الذي خلق " إشارة إلى قصر الربوبية في الله عز اسمه وهو توحيد الربوبية المقتضية لقصر العبادة فيه فإن المشركين كانوا يقولون: إن الله سبحانه ليس له إلا الخلق والايجاد وأما الربوبية وهي الملك والتدبير فلمقربي خلقه من الملائكة والجن والانس فدفعه الله بقوله: " ربك الذي خلق " الناص على أن الربوبية والخلق له وحده.
وقوله: " خلق الانسان من علق " المراد جنس الانسان المتناسل والعلق الدم المنجمد