وانشقاق السماء وهو تصدعه وانفراجه من أشراط الساعة كمد الأرض وسائر ما ذكر في مواضع من كلامه تعالى من تكوير الشمس واجتماع الشمس والقمر وانتثار الكواكب ونحوها.
قوله تعالى: " وأذنت لربها وحقت " الاذن الاستماع ومنه الاذن لجارحة السمع وهو مجاز عن الانقياد والطاعة، و " حقت " أي جعلت حقيقة وجديرة بأن تسمع، والمعنى وأطاعت وانقادت لربها وكانت حقيقة وجديرة بأن تستمع وتطيع.
قوله تعالى: " وإذا الأرض مدت " الظاهر أن المراد به اتساع الأرض، وقد قال تعالى: " يوم تبدل الأرض غير الأرض " إبراهيم: 48.
قوله تعالى: " وألقت ما فيها وتخلت " أي ألقت الأرض ما في جوفها من الموتى وبالغت في الخلو مما فيها منهم.
وقيل: المراد إلقائها الموتى والكنوز كما قال تعالى: " وأخرجت الأرض أثقالها " الزلزال: 2 وقيل: المعنى ألقت ما في بطنها وتخلت مما على ظهرها من الجبال والبحار، ولعل أول الوجوه أقربها.
قوله تعالى: " وأذنت لربها وحقت " ضمائر التأنيث للأرض كما أنها في نظيرتها المتقدمة للسماء، وقد تقدم معنى الآية.
قوله تعالى: " يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه " قال الراغب:
الكدح السعي والعناء. انتهى. ففيه معنى السير، وقيل: الكدح جهد النفس في العمل حتى يؤثر فيها انتهى. وعلى هذا فهو مضمن معنى السير بدليل تعديه بإلى ففي الكدح معنى السير على أي حال.
وقوله: " فملاقيه " عطف على " كادح " وقد بين به أن غاية هذا السير والسعي والعناء هو الله سبحانه بما أن له الربوبية أي إن الانسان بما أنه عبد مربوب ومملوك مدبر ساع إلى الله سبحانه بما أنه ربه ومالكه المدبر لامره فإن العبد لا يملك لنفسه إرادة ولا عملا فعليه أن يريد ولا يعمل إلا ما أراده ربه ومولاه وأمره به فهو مسؤول عن إرادته وعمله.
ومن هنا يظهر أولا أن قوله: " إنك كادح إلى ربك " يتضمن حجة على المعاد لما عرفت أن الربوبية لا تتم إلا مع عبودية ولا تتم العبودية إلا مع مسؤلية ولا تتم مسؤلية إلا برجوع وحساب على الأعمال ولا يتم حساب إلا بجزاء.