مما يتغذى به الحيوان والانسان فالظاهر أن المراد بالمرعى مطلق النبات الذي يتغذى به الحيوان والانسان كما يشعر به قوله: " متاعا لكم ولأنعامكم " لا ما يختص بالحيوان كما هو الغالب في استعماله.
وقوله: " والجبال أرساها " أي أثبتها على الأرض لئلا تميد بكم وادخر فيها المياه والمعادن كما ينبئ عنه سائر كلامه تعالى.
وقوله: " متاعا لكم ولأنعامكم " أي خلق ما ذكر من السماء والأرض ودبر ما دبر من أمرهما ليكون متاعا لكم ولأنعامكم التي سخرها لكم تتمتعون به في حياتكم فهذا الخلق والتدبير الذي فيه تمتيعكم يوجب عليكم معرفة ربكم وخوف مقامه وشكر نعمته فهناك يوم تجزون فيه بما عملتم في ذلك إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا كما أن هذا الخلق والتدبير أشد من خلقكم فليس لكم أن تستبعدوا خلقكم ثانيا وتستصعبوه عليه تعالى.
قوله تعالى: " فإذا جاءت الطامة الكبرى " في المجمع: والطامة العالية الغالبة يقال: هذا أطم من هذا أي أعلى منه، وطم الطائر الشجرة أي علاها وتسمى الداهية التي لا يستطاع دفعها طامة. انتهى، فالمراد بالطامة الكبرى القيامة لأنها داهية تعلو وتغلب كل داهية هائلة، وهذا معنى اتصافها بالكبرى وقد أطلقت إطلاقا.
وتصدير الجملة بفاء التفريع للإشارة إلى أن مضمونها أعني مجئ القيامة من لوازم خلق السماء والأرض وجعل التدبير الجاري فيهما المترتبة على ذلك كما تقدمت الإشارة إليه.
قوله تعالى: " يوم يتذكر الانسان ما سعى " ظرف لمجئ الطامة الكبرى، والسعي هو العمل بجد.
قوله تعالى: " وبرزت الجحيم لمن يرى " التبريز الاظهار ومفعول " يرى " منسي معرض عنه والمراد بمن يرى من له بصر يرى به، والمعنى وأظهرت الجحيم بكشف الغطاء عنها لكل ذي بصر فيشاهدونها مشاهدة عيان.
فالآية في معنى قوله تعالى: " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد " ق: 22 غير أن آية ق أوسع معنى.