تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٨٩
وهو خلاف ظاهر الكلام وفيما قال قوله لملائه: " يا أيها الملا ما علمت لكم من إله غيري " القصص: 38، وقوله لموسى: " لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين " الشعراء: 29.
قوله تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " الاخذ كناية عن التعذيب، والنكال التعذيب الذي يردع من رآه أو سمعه عن تعاطي مثله، وعذاب الآخرة نكال حيث إن من شأنه أن يردع من سمعه عن تعاطي ما يؤدي إليه من المعصية كما أن عذاب الاستئصال في الدنيا نكال.
والمعنى: فأخذ الله فرعون أي عذبه ونكله نكال الآخرة والأولى وأما عذاب الدنيا فإغراقه وإغراق جنوده، وأما عذاب الآخرة فعذابه بعد الموت، فالمراد بالأولى والآخرة الدنيا والآخرة.
وقيل: المراد بالآخرة كلمته الآخرة، " أنا ربكم الاعلى " وبالأولى كلمته الأولى قالها قبل ذلك " ما علمت لكم من إله غيري " فأخذه الله بهاتين الكلمتين ونكله نكالهما، ولا يخلو هذا المعنى من خفاء.
وقيل: المراد بالأولى تكذيبه ومعصيته المذكوران في أول القصة وبالأخرى كلمة - أنا ربكم الاعلى - المذكورة في آخرها، وهو كسابقه.
وقيل: الأولى أول معاصيه والأخرى آخرها والمعنى أخذه الله نكال مجموع معاصيه ولا يخلو أيضا من خفاء.
قوله تعالى: " إن في ذلك لعبرة لمن يخشى " الإشارة إلى حديث موسى، والظاهر أن مفعول " يخشى " منسي معرض عنه، والمعنى إن في هذا الحديث - حديث موسى - لعبرة لمن كان له خشية وكان من غريزته أن يخشى الشقاء والعذاب والانسان من غريزته ذلك ففيه عبرة لمن كان انسانا مستقيم الفطرة.
وقيل: المفعول محذوف والتقدير لمن يخشى الله والوجه السابق أبلغ.
قوله تعالى: " أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها - إلى قوله - ولأنعامكم " خطاب توبيخي للمشركين المنكرين للبعث المستهزئين به على سبيل العتاب ويتضمن الجواب عن استبعادهم البعث بقولهم: " أإنا لمردودون في الحافرة أإذا كنا عظاما نخرة " بأن
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست