فيستفهمون عن الرد إلى الحياة بعد الموت.
وهو معنى حسن لو لم يخالف ظاهر السياق.
قوله تعالى: " أإذا كنا عظاما نخرة " تكرار للاستفهام لتأكيد الاستبعاد فلو كانت الحياة بعد الموت مستبعدة فهي مع فرض نخر العظام وتفتت الاجزاء أشد استبعادا، والنخر بفتحتين البلى والتفتت يقال: نخر العظم ينخر نخرا فهو ناخر ونخر.
قوله تعالى: " قالوا تلك إذا كرة خاسرة " الإشارة بتلك إلى معنى الرجعة المفهوم من قوله: " أإنا لمردودون في الحافرة " والكرة الرجعة والعطفة، وعد الكرة خاسرة إما مجاز والخاسر بالحقيقة صاحبها، أو الخاسرة بمعنى ذات خسران، والمعنى قالوا:
تلك الرجعة - وهي الرجعة إلى الحياة بعد الموت - رجعة متلبسة بالخسران.
وهذا قول منهم أوردوه استهزاء - على أن يكون قولهم: " أإنا لمردودون " الخ مما قالوه في الدنيا - ولذا غير السياق وقال " قالوا تلك إذا " الخ بعد قوله " يقولون أإنا لمردودون " الخ وأما على تقدير أن يكون مما سيقولونه عند البعث فهو قول منهم على سبيل التشؤم والتحسر.
قوله تعالى: " فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة " ضمير " هي " للكرة وقيل: للرادفة والمراد بها النفخة الثانية، والزجر طرد بصوت وصياح عبر عن النفخة الثانية بالزجرة لما فيها من نقلهم من نشأة الموت إلى نشأة الحياة ومن بطن الأرض إلى ظهرها، و " إذا " فجائية، والساهرة الأرض المستوية أو الأرض الخالية من النبات.
والآيتان في محل الجواب عما يدل عليه قولهم " أإنا لمردودون " " الخ " من استبعاد البعث واستصعابه والمعنى لا يصعب علينا إحياؤهم بعد الموت وكرتهم فإنما كرتهم - أو الرادفة التي هي النفخة الثانية - زجرة واحدة فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعدما كانوا أمواتا في بطنها.
فالآيتان في معنى قوله تعالى: " وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب " النحل: 77.
قوله تعالى: " هل أتاك حديث موسى " الآية إلى تمام اثنتي عشرة آية إشارة إلى إجمال قصة موسى ورسالته إلى فرعون ورده دعوته إلى أن أخذه الله نكال الآخرة والأولى.
وفيها عظة وإنذار للمشركين المنكرين للبعث وقد توسلوا به إلى رد الدعوة الدينية إذ لا معنى لتشريع الدين لولا المعاد، وفيها مع ذلك تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من تكذيب