تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٨٥
وقيل: الراجفة بمعنى المحركة تحريكا شديدا - فإذا الرجف يستعمل لازما بمعنى التحرك الشديد، ومتعديا بمعنى التحريك الشديد - والمراد بها أيضا النفخة الأولى المحركة للأرض والجبال، وبالرادفة النفخة الثانية المتأخرة عن الأولى.
وقيل: المراد بالراجفة الأرض وبالرادفة السماوات والكواكب التي ترجف وتضطرب وتنشق، وتتلاشى والوجهان لا يخلوان من بعد ولا سيما الأخير.
والأنسب بالسياق على أي حال كون قوله: " يوم ترجف " إلخ ظرفا لجواب القسم المحذوف للدلالة على فخامته وبلوغه الغاية في الشدة وهو لتبعثن، وقيل: إن " يوم " منصوب على معنى قلوب يومئذ واجفة يوم ترجف الراجفة، ولا يخلوا من بعد.
قوله تعالى: " قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة " تنكير " قلوب " للتنوع وهو مبتدء خبره " واجفة " والوجيف الاضطراب، و " يومئذ " ظرف متعلق بواجفة والجملة استئناف مبين لصفة اليوم.
وقوله: " أبصارها خاشعة " ضمير " أبصارها " للقلوب ونسبة الابصار وإضافتها إلى القلوب لمكان أن المراد بالقلوب في أمثال هذه المواضع التي تضاف إليها الصفات الادراكية كالعلم والخوف والرجاء وما يشبهها هي النفوس، وقد تقدمت الإشارة إليها.
ونسبة الخشوع إلى الابصار وهو من أحوال القلب إنما هي لظهور أثره الدال عليه في الابصار أقوى من سائر الأعضاء.
قوله تعالى: " يقولون أإنا لمردودون في الحافرة " إخبار وحكاية لقولهم في الدنيا استبعادا منهم لوقوع البعث والجزاء وإشارة إلى أن هؤلاء الذين لقلوبهم وجيف ولأبصارهم خشوع يوم القيامة هم الذين ينكرون البعث وهم في الدنيا ويقولون كذا وكذا.
والحافرة - على ما قيل - أول الشئ ومبتداه، والاستفهام للانكار استبعادا، والمعنى يقول هؤلاء: أإنا لمردودون بعد الموت إلى حالتنا الأولى وهي الحياة.
وقيل: الحافرة بمعنى المحفورة وهي أرض القبر، والمعنى أنرد من قبورنا بعد موتنا أحياء، وهو كما ترى.
وقيل: الآية تخبر عن اعترافهم بالبعث يوم القيامة، والكلام كلامهم بعد الاحياء والاستفهام للاستغراب كأنهم لما بعثوا وشاهدوا ما شاهدوا يستغربون ما شاهدوا
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست