تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٤٨
دساها " الشمس: 10 فإن هذا النظام المتقن المنتهي إلى النفس الملهمة المميزة لفجورها وتقواها هو الدليل على فلاح من زكاها وخيبة من دساها.
وعلى هذا النسق سائر ما ورد من القسم في كلامه تعالى وإن كان بعضها لا يخلو من خفاء يحوج إلى إمعان من النظر كقوله: " والتين والزيتون وطور سينين " التين: 2 وعليك بالتدبر فيها.
قوله تعالى: " فإذا النجوم طمست - إلى قوله - أقتت " بيان لليوم الموعود الذي أخبر بوقوعه في قوله: " إنما توعدون لواقع " وجواب إذا محذوف يدل عليه قوله:
" لأي يوم أجلت - إلى قوله - للمكذبين ".
وقد عرف سبحانه اليوم الموعود بذكر حوادث واقعة تلازم انقراض العالم الانساني وانقطاع النظام الدنيوي كانطماس النجوم وانشقاق الأرض واندكاك الجبال وتحول النظام إلى نظام آخر يغايره، وقد تكرر ذلك في كثير من السور القرآنية وخاصة السور القصار كسورة النبأ والنازعات والتكوير والانفطار والانشقاق والفجر والزلزال والقارعة، وغيرها، وقد عدت الأمور المذكورة فيها في الاخبار من أشراط الساعة.
ومن المعلوم بالضرورة من بيانات الكتاب والسنة أن نظام الحياة في جميع شؤنها في الآخرة غير نظامها في الدنيا فالدار الآخرة دار أبدية فيها محض السعادة لساكنيها لهم فيها ما يشاؤن أو محض الشقاء وليس لهم فيها إلا ما يكرهون والدار الدنيا دار فناء وزوال لا يحكم فيها إلا الأسباب والعوامل الخارجية الظاهرية مخلوط فيها الموت بالحياة، والفقدان بالوجدان، والشقاء بالسعادة، والتعب بالراحة، والمساءة بالسرور، والآخرة دار جزاء ولا عمل والدنيا دار عمل ولا جزاء، وبالجملة النشأة غير النشأة.
فتعريفه تعالى نشأة البعث والجزاء بأشراطها التي فيها انطواء بساط الدنيا بخراب بنيان أرضها وانتساف جبالها وانشقاق سمائها وانطماس نجومها إلى غير ذلك من قبيل تحديد نشأة بسقوط النظام الحاكم في نشأة أخرى قال تعالى: " ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون " الواقعة: 62.
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست