تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٥٩
اطرادا إذا دخل عليها حرف الجر نحو لم ومم وعلى م وإلى م، والتساؤل سؤال القوم بعضهم بعضا عن أمر أو سؤال بعضهم بعد بعض عن أمر وإن كان المسؤول غيرهم، فهم كان يسأل بعضهم بعضا عن أمر أو كان بعضهم بعد بعض يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أمر وحيث كان سياق السورة سياق جواب يغلب فيه الانذار والوعيد تأيد به أن المتسائلين هم كفار مكة من المشركين النافين للنبوة والمعاد دون المؤمنين ودون الكفار والمؤمنين جميعا.
فالتساؤل من المشركين والاخبار عنه في صورة الاستفهام للاشعار بهوانه وحقارته لظهور الجواب عنه ظهورا ما كان ينبغي معه أن يتساءلوا عنه.
قوله تعالى: " عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون " جواب عن الاستفهام السابق أي يتسائلون عن النبأ العظيم، ولا يخفى ما في توصيف النبأ المتسائل عنه بالعظيم من تعظيمه وتفخيم أمره.
والمراد بالنبأ العظيم نبأ البعث والقيامة الذي يهتم به القرآن العظيم في سوره المكية ولا سيما في العتائق النازلة في أوائل البعثة كل الاهتمام.
ويؤيد ذلك سياق آيات السورة بما فيه من الاقتصار على ذكر صفه يوم الفصل وما تقدم عليها من الحجة على أنه حق واقع.
وقيل: المراد به نبأ القرآن العظيم، ويدفعه كون السياق بحسب مصبه أجنبيا عنه وإن كان الكلام لا يخلو من إشارة إليه استلزاما.
وقيل: النبأ العظيم ما كانوا يختلفون فيه من إثبات الصانع وصفاته والملائكة والرسل والبعث والجنة والنار وغيرها، وكأن القائل به اعتبر فيه ما في السورة من الإشارة إلى حقية جميع ذلك مما تتضمنه الدعوة الحقة الاسلامية.
ويدفعه أن الإشارة إلى ذلك كله من لوازم صفة البعث المتضمنة لجزاء الاعتقاد الحق والعمل الصالح والكفر والاجرام، وقد دخل فيما في السورة من صفة يوم الفصل تبعا وبالقصد الثاني.
على أن المراد بهؤلاء المتسائلين - كما تقدم - المشركون وهم يثبتون الصانع والملائكة وينفون ما وراء ذلك مما ذكر.
وقوله: " الذي هم فيه مختلفون " إنما اختلفوا في نحو إنكاره وهم متفقون في نفيه
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست