والمراد بالاحضار في قوله: " محضرون " الاحضار للجزاء يوم القيامة قال تعالى:
" وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون " الصافات: 158 وقال:
" ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين " الصافات: 57. ومحصل المعنى لا يستطيع الالهة المتخذون نصر المشركين وهم أي المشركون لهم أي لآلهتهم أتباع مطيعون محضرون معهم يوم القيامة.
وأما قول القائل: إن المعنى أن المشركين جند لآلهتهم معدون للذب عنهم في الدنيا، أو أن المعنى وهم أي الالهة لهم أي للمشركين جند محضرون لعذاب المشركين يوم القيامة لأنهم وقود النار التي يعذب بها المشركون، أو محضرون لعذابهم إظهارا لعجزهم عن النصر أو لاقناط المشركين عن شفاعتهم فهي معان رديئة.
قوله تعالى: " فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " الفاء لتفريع النهي عن الحزن على حقيقة اتخاذهم الالهة من دون الله رجاء للنصر أي إذا كان هذا حقيقة حالهم أن الذين استنصروهم لا يستطيعون نصرهم أبدا وأنهم سيحضرون معهم للعذاب فلا يحزنك قولهم ما قالوا به من الشرك فإنا لسنا بغافلين عنهم حتى يعجزونا أو يفسدوا علينا بعض الامر بل نعلم ما يسرون من أقوالهم وما يعلنون، وفي تركيب الآية بعض أقوال رديئة أضربنا عنه.
قوله تعالى: " أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين " رجوع إلى ما تقدم من حديث البعث والاحتجاج عليه إثر إنكارهم، ولا يبعد أن يكون بيانا تفصيليا لقولهم المشار إليه في قوله تعالى: " فلا يحزنك قولهم " الخ والمراد بالرؤية العلم القطعي أي أو لم يعلم الانسان علما قاطعا أنا خلقناه من نطفة، وتنكير نطفة للتحقير والخصيم المصر على خصومته وجداله.
والاستفهام للتعجب والمعنى من العجيب أن الانسان يعلم أنا خلقناه من نطفة مهينة فيفاجؤه أنه خصيم مجادل مبين.
قوله تعالى: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم " الرميم البالي من العظام، و " نسي خلقه " حال من فاعل ضرب، وقوله: " قال من يحيي العظام وهي رميم " بيان للمثل الذي ضربه الانسان، ولذلك جئ به مفصولا