أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون - 31. وإن كل لما جميع لدينا محضرون - 32.
(بيان) مثل مشتمل على الانذار والتبشير ضربه الله سبحانه لعامة القوم يشير فيه إلى الرسالة الإلهية وما تستتبعه الدعوة الحقة من المغفرة والاجر الكريم لمن آمن بها واتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب، ومن العذاب الأليم لمن كفر وكذب بها فحق عليه القول، وفيه إشارة إلى وحدانيته تعالى ومعاد الناس إليه جميعا.
ولا منافاة بين إخباره بأنهم لا يؤمنون سواء أنذروا أم لم ينذروا وبين إنذارهم لان في البلاغ إتماما للحجة وتكميلا للسعادة أو الشقاوة قال تعال: " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة " الأنفال: 42، وقال: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا " أسرى: 82.
قوله تعالى: " واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون " المثل كلام أو قصة يمثل به مقصد من المقاصد فيتضح للمخاطب، ولما كانت قصتهم توضح ما تقدم من الوعد والوعيد أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يضربها مثلا لهم.
والظاهر أن " مثلا " مفعول ثان لقوله: " اضرب " ومفعوله الأول قوله:
" أصحاب القرية " والمعنى واضرب لهم أصحاب القرية وحالهم هذه الحال مثلا وقد قدم المفعول الثاني تحرزا عن الفصل المخل.
قوله تعالى: " إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون " التعزيز من العزة بمعنى القوة والمنعة، وقوله: " إذ أرسلنا إليهم " بيان تفصيلي لقوله: " إذ جاءها المرسلون ".
والمعنى: واضرب لهم مثلا أصحاب القرية وهم في زمان أرسلنا إليهم رسولين اثنين من رسلنا فكذبوهما أي الرسولين فقويناهما برسول ثالث فقالت الرسل إنا إليكم