قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب - 5.
وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار - 6.
(بيان) تتكلم السورة في استكبار الكافرين ومجادلتهم بالباطل ليدحضوا به الحق الذي يدعون إليه ولذلك نراها تذكر جدالهم وتعود إليه عودة بعد عودة " ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد " " الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا " " ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ".
فتكسر سورة استكبارهم وجدالهم بذكر ما عاقب الله به الماضين من الأمم المكذبين وما أعد الله لهم من العذاب المهين بذكر طرف مما يجري عليهم في الآخرة.
وتدحض باطل أقاويلهم بوجوه من الحجج الناطقة بتوحده في الربوبية والألوهية وتأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر وتعده والمؤمنين به بالنصر، وتأمرهم أن يؤذنهم أنه مسلم لربه غير تارك لعبادته فلييأسوا منه.
والسورة مكية كلها لاتصال آياتها وشهادة مضامينها بذلك، وما قيل فيه من الآيات أنه نزل بالمدينة لا يعبؤ به وسيجئ الإشارة إليها إن شاء الله.
قوله تعالى: " حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم " التنزيل مصدر بمعنى المفعول فقوله: " تنزيل الكتاب " من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها والتقدير هذا كتاب منزل من الله.
وتخصيص الوصفين: " العزيز العليم " بالذكر قيل: للإشارة إلى ما في القرآن من الاعجاز وأنواع العلوم التي يضيق عنها نطاق الافهام، وقيل: هو من باب التفنن.
والوجه أن يقال: إن السورة لما كانت تتكلم حول جحد الجاحدين ومجادلتهم في