إلى الله سبحانه كما تقدم استفادته من قوله تعالى: " و قالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون " ألم السجدة: 11.
فالبدن اللاحق من الانسان إذا أعتبر بالقياس إلى البدن السابق منه كان مثله لا عينه لكن الانسان ذا البدن اللاحق إذا قيس إلى الانسان ذي البدن السابق كان عينه لا مثله لان الشخصية بالنفس وهي واحدة بعينها.
ولما كان استبعاد المشركين في قولهم: " من يحيي العظام وهي رميم " راجعا إلى خلق البدن الجديد دون النفس أجاب سبحانه بإثبات إمكان خلق مثلهم وأما عودهم بأعيانهم فهو إنما يتم بتعلق النفوس والأرواح المحفوظة عند الله بالأبدان المخلوقة جديدا، فتكون الأشخاص الموجودين في الدنيا من الناس بأعيانهم كما قال تعالى: " أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى " الأحقاف 33 فعلق الاحياء على الموتى بأعيانهم فقال: على أن يحيي الموتى ولم يقل: على أن يحيي أمثال الموتى.
قوله تعالى: " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " الآية من غرر الآيات القرآنية تصف كلمة الايجاد وتبين أنه تعالى لا يحتاج في إيجاد شئ مما أراده إلى ما وراء ذاته المتعالية من سبب يوجد له ما أراده أو يعينه في إيجاده أو يدفع عنه مانعا يمنعه.
وقد اختلف تعبيره تعالى عن هذه الحقيقة في كلامه فقال: " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون " النحل: 40، وقال: " وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " البقرة: 117.
فقوله: " إنما أمره " الظاهر أن المراد بالامر الشأن، وقوله في آية النحل المنقولة آنفا: " إنما قولنا لشئ إذا أردنا " إن كان يؤيد كون الامر بمعنى القول وهو الامر اللفظي بلفظة كن إلا أن التدبر في الآيات يعطي أن الغرض فيها وصف الشأن الإلهي عند إرادة خلق شئ من الأشياء لا بيان أن قوله تعالى عند خلق شئ من الأشياء هذا القول دون غيره، فالوجه حمل القول على الامر بمعنى الشأن بمعنى أنه جئ به لكونه