وقيل: المراد مضيهم نحو مقاصدهم ورجوعهم إلى منازلهم وأهليهم ولا يخلو من بعد.
قوله تعالى: " ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون " التعمير التطويل في العمر، والتنكيس تقليب الشئ بحيث يعود أعلاه أسفله ويتبدل قوته ضعفا وزيادته نقصا والانسان في عهد الهرم منكس الخلق يتبدل قوته ضعفا وعلمه جهلا وذكره نسيانا.
والآية في مقام الاستشهاد بتنكيس الخلق على إمكان مضمون الآيتين السابقتين والمراد أن الذي ينكس خلق الانسان إذا عمره قادر على أن يطمس على أعينهم وعلى أن يمسخهم على مكانتهم.
وفي قوله: " أفلا يعقلون " توبيخهم على عدم التعقل وحثهم على التدبر في هذه الأمور والاعتبار بها.
قوله تعالى: " وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين عطف ورجوع إلى ما تقدم في صدر السورة من تصديق رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكون كتابه تنزيلا من عنده تعالى.
فقوله: " وما علمناه الشعر " نفى أن يكون علمه الشعر ولازمه أن يكون بحيث لا يحسن قول الشعر لا أن يحسنه ويمتنع من قوله لنهي من الله متوجه إليه، ولا أن النازل من القرآن ليس بشعر وإن أمكنه صلى الله عليه وآله وسلم أن يقوله.
وبه يظهر أن قوله: " وما ينبغي له " في مقام الامتنان عليه بأنه نزهه عن أن يقول شعرا فالجملة في مقام دفع الدخل والمحصل أن عدم تعليمنا إياه الشعر ليس يوجب نقصا فيه ولا أنه تعجيز له بل لرفع درجته وتنزيه ساحته عما يتعاوره العارف بصناعة الشعر فيقع في معرض تزيين المعاني بالتخيلات الشعرية الكاذبة التي كلما أمعن فيها كان الكلام أوقع في النفس، وتنظيم الكلام بأوزان موسيقية ليكون أوقع في السمع، فلا ينبغي له صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول الشعر وهو رسول من الله وآية رسالته ومتن دعوته القرآن المعجز في بيانه الذي هو ذكر وقرآن مبين.
وقوله: " إن هو إلا ذكر وقرآن مبين " تفسير وتوضيح لقوله: " وما علمناه الشعر وما ينبغي له " بما أن لازم معناه أن القرآن ليس بشعر فالحصر المستفاد من