من غير عطف لان الكلام في معنى أن يقال: فماذا ضرب مثلا؟ فقيل: قال من يحيي العظام وهي رميم.
والمعنى وضرب الانسان لنا مثلا وقد نسي خلقه من نطفة لأول مرة، ولو كان ذاكره لم يضرب المثل الذي ضربه وهو قوله: " من يحيي العظام وهي بالية؟ " لأنه كان يرد على نفسه ويجيب عن المثل الذي ضربه بخلقه الأول كما لقنه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم جوابا عنه.
قوله تعالى: " قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " تلقين الجواب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
الانشاء هو الايجاد الابتدائي وتقييده بقوله " أول مرة " للتأكيد، وقوله:
" وهو بكل خلق عليم " إشارة إلى أنه تعالى لا ينسى ولا يجهل شيئا من خلقه فإذا كان هو خالق هذه العظام لأول مرة وهو لا يجهل شيئا مما كانت عليه قبل الموت وبعده فإحياؤه ثانيا بمكان من الامكان لثبوت القدرة وانتفاء الجهل والنسيان.
قوله تعالى: " الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون " بيان لقوله: " الذي أنشأها أول مرة " والايقاد إشعال النار.
والآية مسوقة لرفع استبعاد جعل الشئ الموات شيئا ذا حياة والحياة والموت متنافيان والجواب أنه لا استبعاد فيه فإنه هو الذي جعل لكم من الشجر الأخضر الذي يقطر ماء نارا فإذا أنتم منه توقدون وتشعلون النار، والمراد به على المشهور بين المفسرين شجر (1) المرخ والعفار كانوا يأخذون منهما على خضرتهما فيجعل العفار زندا أسفل ويجعل المرخ زنذا أعلى فيسحق الاعلى على الأسفل فتنقدح النار بإذن الله فحصول الحي من الميت ليس بأعجب من انقداح النار من الشجرة الخضراء وهما متضادان.
قوله تعالى: " أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم " الاستفهام للانكار والآية بيان للحجة السابقة المذكورة في قوله