تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٧٧
يجز فكيف يجوز أن يكون بعض من خلقه الله كالملائكة والجن وهم عبيده المملوكون شركاء له فيما يملك من مخلوقيه وآلهة وأربابا من دونه؟
ثم تمم الكلام بقوله: (كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون) وفيه تمهيد لما يتلوه من الكلام.
قوله تعالى: (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدى من أضل الله وما لهم من ناصرين) اضراب عما يستفاد من ذيل الآية السابقة والتقدير وهؤلاء المشركون لم يبنوا شركهم على التعقل بل اتبعوا في ذلك أهواءهم بغير علم.
وكان مقتضى الظاهر أن يقال: بل اتبع الذين أشركوا وانما بدله من قوله:
(بل اتبع الذين ظلموا) فوصفهم بالظلم ليتعلل به ما سيصفهم بالضلال في قوله: (فمن يهدى من أضل الله) فالظلم يستتبع الاضلال الإلهي، قال تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) إبراهيم: 27.
فقوله: (فمن يهدى من أضل الله) استفهام انكاري مدلوله الايآس من نعمة الهداية للمشركين المتبعين لأهوائهم مع ظهور الحق لهم لمكان ظلمهم الموجب لاضلالهم وقد تكرر في كلامه تعالى: (ان الله لا يهدى القوم الظالمين).
وقوله: (وما لهم من ناصرين) نفى لنجاتهم بنصرة الناصرين لهم من غيرهم بعد ما لم ينالوا النجاة من الضلال وتبعاته من عند أنفسهم لاضلال الله لهم ونفى الجمع دليل على أن لغيرهم ناصرين كالشفعاء.
وقول القائل ان معنى نفى الناصرين لهم أنه ليس لواحد منهم ناصر واحد على ما هو المشهور من مقابلة الجمع بالجمع غير مطرد.
ومعنى الآية: بل اتبع الذين ظلموا بشركهم أهواءهم بغير علم وتعقل فأضلهم الله بظلمهم ولا هادي يهديهم وليس لهم ناصرون ينصرونهم.
قوله تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) الكلام متفرع على ما تحصل
(١٧٧)
مفاتيح البحث: الضلال (2)، الظلم (3)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست