اللامتناهية لا تختلف حالها في تعلقها بشئ دون شئ فتعلقها بالصعب والسهل على السواء فلا معنى لاسم التفضيل ههنا.
وقد أجيب عنه بوجوه:
منها: أن ضمير (عليه) راجع إلى الخلق دونه تعالى والإعادة أهون على الخلق لأنه مسبوق بالابتداء الذي يسهل الفعل على الفاعل بتحققه منه مرة أو أزيد بخلاف الابتداء الذي لا يسبقه فعل، فالابتداء أصعب بالطبع بالنسبة إلى الإعادة والإعادة بالعكس، فالمعنى: أن الإعادة أهون من البدء بالنسبة إلى الخلق وإذا كان كذلك بالنسبة إلى الخلق فما ظنك بالخالق.
وفيه أن رجوع الضمير إلى الخلق خلاف ظاهر الآية.
ومنها: أن أفعل ههنا منسلخ عن معنى التفضيل فأهون عليه بمعنى هين عليه نظير قوله: (ما عند الله خير من اللهو).
وفيه أنه تحكم ظاهر لا دليل عليه.
ومنها: أن التفضيل انما هو للإعادة في نفسها بالقياس إلى الانشاء الابتدائي لا بالنسبة إليه تعالى ووقوع التفضيل بين فعل منه وفعل لا بأس به كما في قوله تعالى:
(لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس) المؤمن: 57.
وهذا هو الذي يستفاد من كلام الزمخشري إذ يقول: فان قلت: ما بال الإعادة استعظمت في قوله: (ثم إذا دعاكم) حتى كأنها فضلت على قيام السماوات والأرض بأمره ثم هونت بعد ذلك؟ قلت: الإعادة في نفسها عظيمة لكنها هونت بالقياس إلى الانشاء. انتهى.
وفيه أن تقييد الوصف بقوله: (عليه) أصدق شاهد على أن القياس الواقع بين الإعادة والانشاء انما هو بالنسبة إليه تعالى لا بين نفس الإعادة والانشاء فالاشكال على ما كان.
ومنها: أن التفضيل انما هو بالنظر إلى الأصول الدائرة بين الناس والموازين المتبعة عندهم لا بالنظر إلى الامر في نفسه، لما يرون أن تكرر الوقوع حتى لمرة واحدة يوجب سهولته على الفاعل بالنسبة إلى الفعل غير المسبوق بمثله فكأنه قيل: والإعادة