وللقوم في مفردات الآية ومعناها أقوال أخر متفرقة:
منها: أن المراد بإقامة الوجه تسديد العمل فان الوجه هو ما يتوجه إليه وهو العمل وإقامته تسديده.
وفيه: أن وجه العمل هو غايته المقصودة منه وهي غير العمل والذي في الآية هو (فأقم وجهك) ولم يقل: فأقم وجه عملك.
ومنها: أن (فطرة الله) منصوب بتقدير أعني والفطرة هي الملة، والمعنى:
أثبت وأدم الاستقامة للدين أعني الملة التي خلق الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله.
وفيه: أنه مبنى على اختلاف المراد بالفطرة وهي الملة و (فطر الناس) وهو الخلقة والتفكيك خلاف ظاهر الآية ولو أخذ (فطر الناس) بمعنى الإدانة أي الحمل على الدين وهو التوحيد بقى قوله: (لا تبديل لخلق الله) لا يلائم ما قبله.
على أن فيه خلاف ظاهر آخر وهو حمل الدين على التوحيد، ولو أخذ الدين بمعنى الاسلام أو مجموع الدين كله وأبقيت الفطرة على معناه المتبادر منها وهو الخلقة لم يستقم تقدير (أعني) فان الدين بهذا المعنى غير الفطرة بمعنى الخلقة.
ومنها: أن (فطرة) بدل من (حنيفا) والفطرة بمعنى الملة ويرد عليه ما يرد على سابقه.
ومنها: أن (فطرة) مفعول مطلق لفعل محذوف مقدر، والتقدير: فطر الله فطرة فطر الناس عليها وفساده غنى عن البيان.
ومنها: أن معناه اتبع من الدين ما دلك عليه فطرة الله وهو ما دلك عليه ابتداء خلقه للأشياء لأنه خلقهم وركبهم وصورهم على وجه يدل على أن لهم صانعا قادرا عالما حيا قديما واحدا لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ.
وفيه. أنه مبنى على كون (فطرة) منصوبا بتقدير اتبع وقد ذكره أبو السعود وقبله أبو مسلم المفسر فيكون المراد من اتباع الفطرة اتباع دلالة الفطرة بمعنى الخلقة والمراد بعدم تبديل الخلق عدم تغيره في الدلالة على الصانع بما له من الصفات الكريمة، وهذا قريب من المعنى الذي قدمناه للآية بحمل (فطرة) على الاغراء لكن يبقى عليه أن الآية عامة لا دليل على تخصيصها بالتوحيد.