فيؤل المعنى إلى نحو من قولنا: فأقم وجهك للدين حنيفا أنت ومن معك منيبين إلى الله، والإنابة الرجوع بالتوبة.
وقوله: (واتقوه وأقيموا الصلاة) التقوى بحسب دلالة المقام يشمل امتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه تعالى فاختصاص إقامة الصلاة من بين سائر العبادات بالذكر للاعتناء بشأنها فهي عمود الدين.
وقوله: (ولا تكونوا من المشركين) القول في اختصاصه من بين سائر المحرمات بالذكر نظير القول في الصلاة فالشرك بالله أكبر الكبائر الموبقة، وقد قال تعالى:
(ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء: 48، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) (من) للتبيين و (من الذين فرقوا دينهم) الخ، بيان للمشركين وفيه تعريفهم بأخص صفاتهم في دينهم وهو تفرقهم في دينهم وعودهم شيعة شيعة وحزبا حزبا يفرح ويسر كل شيعة وحزب بما عندهم من الدين والسبب في ذلك ما ذكره قبيل هذا بقوله: (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم فمن يهدى من أضل الله وما لهم من ناصرين) فبين أنهم بنوا دينهم على أساس الأهواء وأنه لا يهديهم ولا هادي غيره.
ومن المعلوم أن هوى النفس لا يتفق في النفوس بل ولا يثبت على حال واحدة دون أن يختلف باختلاف الأحوال وإذا كان هو الأساس للدين لم يلبث دون أن يسير بسير الأهواء وينزل بنزولها، ولا فرق في ذلك بين الدين الباطل والدين الحق المبنى على أساس الهوى.
ومن هنا يظهر أن النهى عن تفرق الكلمة في الدين نهى في الحقيقة عن بناء الدين على أساس الهوى دون العقل، وربما احتمل كون الآية استئنافا من الكلام وهو لا يلائم السياق.
وفى الآية ذم للمشركين بما عندهم من صفة التفرق في الكلمة والتحزب في الدين.
قوله تعالى: (وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون) التعبير بالمس للدلالة على القلة والخفة وتنكير ضر