لكن الظاهر كما تقدم في تفسير قوله: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين) البقرة: 213 أن عهد الفطرة الساذجة كان قبل بعثة نوح ع وعاد وثمود كانوا بعد نوح فكونهم مستبصرين قبل انصدادهم عن السبيل هو كونهم يعيشون على عبادة الله ودين التوحيد وهو دين الفطرة.
قوله تعالى: (وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين) السبق استعارة كنائية من الغلبة، والباقي ظاهر.
قوله تعالى: (فكلا أخذنا بذنبه) إلى آخر الآية أي كل واحدة من الأمم المذكورين أخذناها بذنبها ثم أخذ في التفصيل فقال: (فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا) والحاصب الحجارة وقيل: الريح التي ترمى بالحصا وعلى الأول فهم قوم لوط، وعلى الثاني قوم عاد (ومنهم من أخذته الصيحة وهم قوم ثمود وقوم شعيب (ومنهم من خسفنا به الأرض) وهو قارون (ومنهم من أغرقنا) وهم قوم نوح وفرعون وهامان وقومهما.
ثم عاد سبحانه إلى كافة القصص المذكورة وما انتهى إليه أمر تلك الأمم من الاخذ والعذاب فبين ببيان عام أن الذي أوقعهم فيما وقعوا لم يكن بظلم منه سبحانه بل بظلم منهم لأنفسهم فقال: (وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) أي فيجازيهم الله على ظلمهم لان الدار دار الفتنة والامتحان وهي السنة الإلهية التي لا معدل عنها فمن أهتدي فقد اهتدى لنفسه ومن ضل فعليها.
(بحث روائي) في الكافي باسناده عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع في حديث يذكر فيه معاني الكفر قال: والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة قال تعالى: (وقال انما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) يعنى يتبرأ بعضكم من بعض. الحديث.
أقول: وروى هذا المعنى في التوحيد عن علي ع في حديث طويل يجيب فيه عما سئل عنه من تهافت الآيات وفيه: والكفر في هذه الآية البراءة يقول: يتبرأ