القرب في حقه ع وايتائه ذلك في الدنيا وقد تقدم احصاء ما يذكره القرآن الكريم من مقاماته ع في قصصه من تفسير سورة الأنعام.
وقوله: (وانه في الآخرة لمن الصالحين) تقدم الكلام فيه في تفسير قوله تعالى:
(ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين) البقرة: 130 في الجزء الأول من الكتاب.
قوله تعالى: (ولوطا إذ قال لقومه انكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) أي وأرسلنا لوطا أو واذكر لوطا إذ قال لقومه، وقوله: (انكم لتأتون الفاحشة) اخبار بداعي الاستعجاب والانكار، والمراد بالفاحشة اتيان الذكران.
وقوله: (ما سبقكم بها من أحد من العالمين) استئناف يوضح معنى الفاحشة ويؤكده، وكأن المراد أن هذا العمل لم يشع في قوم قبلهم هذا الشيوع أو الجملة حال من فاعل (لتأتون).
قوله تعالى: (أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر) إلى آخر الآية، استفهام من أمر من الحري أن لا يصدقه سامع ولا يقبله ذو لب ولذا أكد بالنون واللام، وهذا السياق يشهد أن المراد باتيان الرجل اللواط وبقطع السبيل اهمال طريق التناسل والغاؤها وهي اتيان النساء، فقطع السبيل كناية عن الاعراض عن النساء وترك نكاحهن، وباتيانهم المنكر في ناديهم - والنادي هو المجلس الذي يجتمعون فيه ولا يسمى ناديه الا إذا كان فيه أهله - الاتيان بالفحشاء أو بمقدماتها الشنيعة بمرأى من الجماعة.
وقيل: المراد بقطع السبيل قطع سبيل المارة بديارهم فإنهم كانوا يفعلون هذا الفعل بالمجتازين من ديارهم وكانوا يرمون ابن السبيل بالحجارة بالخذف فأيهم أصابه كان أولى به فيأخذون ماله وينكحونه ويغرمونه ثلاثة دراهم وكان لهم قاض يقضى بذلك وقيل: بل كانوا يقطعون الطرق، وقد عرفت أن السياق يقضى بخلاف ذلك.
وقيل: المراد باتيان المنكر في النادي أن مجالسهم كانت تشتمل على أنواع المنكرات والقبائح مثل الشتم والسخف والقمار وخذف الأحجار على من مر بهم وضرب المعازف والمزامير وكشف العورات واللواط ونحو ذلك، وقد عرفت ما يقتضيه السياق.