وقوله: (فما كان جواب قومه الا أن قالوا ائتنا بعذاب الله ان كنت من الصادقين) استهزاء وسخرية منهم، ويظهر من جوابهم أنه كان ينذرهم بعذاب الله وقد قال الله في قصته في موضع آخر: (ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر) القمر: 36.
قوله تعالى: (قال رب انصرني على القوم المفسدين) سؤال للفتح ودعاء منه عليهم، وقد عدهم مفسدين لعملهم الذي يفسد الأرض ويقطع النسل ويهدد الانسانية بالفناء.
قوله تعالى: (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا انا مهلكوا أهل هذه القرية ان أهلها كانوا ظالمين) اجمال قصة هلاك قوم لوط، وقد كان ذلك برسل من الملائكة أرسلهم الله أولا إلى إبراهيم ع فبشروه وبشروا امرأته بإسحاق ويعقوب ثم أخبروه بأنهم مرسلون لاهلاك قوم لوط، والقصة مفصلة في سورة هود وغيرها.
وقوله: (قالوا انا مهلكوا أهل هذه القرية) أي قالوا لإبراهيم، وفى الاتيان بلفظ الإشارة القريبة - هذه القرية - دلالة على قربها من الأرض التي كان إبراهيم ع نازلا بها، وهي الأرض المقدسة.
وقوله: (ان أهلها كانوا ظالمين) تعليل لاهلاكهم بأنهم ظالمون قد استقرت فيهم رذيلة الظلم، وقد كان مقتضى الظاهر أن يقال: انهم كانوا ظالمين فوضع المظهر موضع المضمر للإشارة إلى أن ظلمهم ظلم خاص بهم يستوجب الهلاك وليس من مطلق الظلم الذي كان الناس مبتلين به يومئذ كأنه قيل: ان أهلها بما أنهم أهلها ظالمون.
قوله تعالى: (قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين) ظاهر السياق أنه ع كان يريد بقوله: (ان فيها لوطا) أن يصرف العذاب بأن فيها لوطا واهلاك أهلها يشمله فأجابوه بأنهم لا يخفى عليهم ذلك بل معه غيره ممن لا يشمله العذاب وهم أهله الا امرأته.
لكنه ع لم يكن ليجهل أن الله سبحانه لا يعذب لوطا وهو نبي مرسل، وان شمل العذاب جميع من سواه من أهل قريته ولا أنه يخوفه ويزعره ويفزعه بقهره عليهم بل كان ع يريد بقوله: (ان فيها لوطا) أن يصرف العذاب عن أهل القرية كرامة للوط لا أن يدفعه عن لوط، فأجيب بأنهم مأمورون بانجائه واخراجه من بين أهل القرية ومعه أهله الا امرأته كانت من الغابرين.