إليهم كاتخاذ العنكبوت بيتا هو أوهن البيوت إذ ليس له من آثار البيت الا اسمه لا يدفع حرا ولا بردا ولا يكن شخصا ولا يقي من مكروه كذلك ليس لولاية أوليائهم الا الاسم فقط لا ينفعون ولا يضرون ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا.
ومورد المثل هو اتخاذ المشركين آلهة من دون الله، فتبديل الآلهة من الأولياء لكون السبب الداعي لهم إلى اتخاذ الآلهة زعمهم أن لهم ولاية لأمرهم وتدبيرا لشأنهم من جلب الخير إليهم ودفع الشر عنهم والشفاعة في حقهم.
والآية - مضافا إلى ايفاء هذه النكتة - تشمل باطلاقها كل من اتخذ في أمر من الأمور وشأن من الشؤون وليا من دون الله يركن إليه ويراه مستقلا في أثره الذي يرجوه منه وان لم يعد من الأصنام الا أن يرجع ولايته إلى ولاية الله كولاية الرسول والأئمة والمؤمنين كما قال تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون) يوسف: 106.
وقوله: (لو كانوا يعلمون) أي لو كانوا يعلمون أن مثلهم كمثل العنكبوت ما اتخذوهم أولياء. كذا قيل.
قوله تعالى: (ان الله يعلم ما يدعون من دونه من شئ وهو العزيز الحكيم) يمكن أن يكون (ما) في (ما يدعون) موصولة أو نافية أو استفهامية أو مصدرية و (من) في (من شئ) على الاحتمال الثاني زائدة للتأكيد وعلى الباقي للتبيين وأرجح الاحتمالات الأولان وأرجحهما أولهما.
والمعنى: على الثاني أن الله يعلم أنهم ليسوا يدعون من دونه شيئا أي أن الذي يعبدونه من الآلهة لا حقيقة له فيكون كما قال صاحب الكشاف توكيدا للمثل وزيادة عليه حيث لم يجعل ما يدعونه شيئا.
والمعنى: على الأول أن الله يعلم الشئ الذي يدعون من دونه ولا يجهل ذلك فيكون كناية عن أن المثل الذي ضربه في محله، وليس لأوليائهم من الولاية الا اسمها.
ويؤكد هذا المعنى الاسمان الكريمان: العزيز الحكيم في آخر الآية فهو تعالى العزيز الذي لا يغلبه شئ فلا يشاركه في تدبير ملكه أحد كما لا يشاركه في الخلق والايجاد أحد، الحكيم الذي يأتي بالمتقن من الفعل والتدبير فلا يفوض تدبير خلقه إلى أحد، وهذا كالتمهيد لما سيبين في قوله: (خلق الله السماوات والأرض بالحق).