والدليل على هذا الذي ذكرنا قوله تعالى في سورة هود في هذا الموضع من القصة:
(فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ان إبراهيم لحليم أواه منيب، يا إبراهيم أعرض عن هذا انه قد جاء أمر ربك وانهم آتيهم عذاب غير مردود) هود: 76، فالآيات أظهر ما يكون في أن إبراهيم ع كان يدافع عن قوم لوط لا عن لوط نفسه.
فظاهر كلامه ع في الآية التي نحن فيها الدفاع عن لوط وعلى ذلك جاراه الرسل فأبقوا كلامه على ظاهره وأجابوا بأنهم ما كانوا ليجهلوا ذلك فهم أعلم بمن فيها وعالمون بأن فيها لوطا ومعه أهله ممن لا ينبغي أن يعذب لكنهم سينجونه وأهله الا امرأته، لكن الذي أراده إبراهيم ع بكلامه دفع العذاب عن أهل القرية فأجيب بأنه من الامر المحتوم على ما تشير إليه آيات سورة هود.
وللقوم في قوله: (ان أهلها كانوا ظالمين)، وقوله: (قال إن فيها لوطا) مشاجرات طويلة أعرضنا عن التعرض لها لعدم الجدوى، من أراد الوقوف عليها فليراجع المطولات.
قوله تعالى: (ولما أن جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن) إلى آخر الآية، ضميرا الجمع في (سئ بهم وضاق بهم) للرسل والباء للسببية أي أخذته المساءة وهي سوء الحال بسببهم وضاقت طاقته بسببهم لكونهم في صور شبان حسان مرد يخاف عليهم من القوم ثم قصد القوم إياهم بالسوء وضعف لوط من أن يدفعهم عنهم وهم ضيف له نازلون بداره.
وقوله: (وقالوا لا تخف ولا تحزن) أي لا خطر محتملا يهددك ولا مقطوعا يقع عليك فان الخوف انما هو في المكروه الممكن والحزن في المكروه الواقع.
وقوله: (انا منجوك وأهلك الا امرأتك كانت من الغابرين) أي الباقين في العذاب تعليل لنفى الخوف والحزن.
قوله تعالى: (انا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) بيان لما يشير إليه قوله: (انا منجوك وأهلك) من العذاب، والرجز العذاب.
قوله تعالى: (ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون) ضمير التأنيث للقرية