تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٨
تسد سبيله بالجملة ولم تمنع عنه ذلك المنع لكنها مع ذلك لا تستحسنه لما ترى من مضادته العميقة لتكون البيوت وازدياد النفوس وبقاء النسل، وتحتال إلى تقليله بلطائف الحيل وتروج سنة الازدواج وتدعوا إلى تكثير الأولاد بجعل الجوائز وترفيع الدرجات وغير ذلك من المشوقات.
غير أنه على الرغم من كون سنة الازدواج الدائم سنة قانونية متبعة في جميع المجتمعات الانسانية في العالم وتحريض الدول عليها واحتيالها لتضعيف أمر الزنا وصرف الناس لا سيما الشبان والفتيات عنه لا يزال يوجد في جميع البلاد صغيرتها وكبيرتها معاهد لهذا العمل الهادم لبنية المجتمع علنية أو سرية على اختلاف السنن الجارية فيها.
وهذا أوضح حجة على أن سنة الازدواج الدائم لا تفي برفع هذه الحاجة الحيوية للنوع، وأن الانسانية بعد في حاجة إلى تتميم نقيصتها هذه، وأن من الواجب على من بيده زمام التقنين أن يتوسع في أمر الازدواج.
ولذلك شفع شارع الاسلام سنة الازدواج الدائم بسنة الازدواج الموقت تسهيلا للامر وشرط فيه شروطا ترتفع بها محاذير الزنا من اختلاط المياه واختلال الأنساب والمواريث وانهدام البيوت وانقطاع النسل وعدم لحوق الأولاد وهي اختصاص المرأة بالرجل والعدة إذا افترقا ولحوق الأولاد ثم لها ما اشترطت على زوجها وليس فيه على الرجل شئ من كلفه الازدواج الدائم ومشقته.
ولعمر الحق إنها لمن مفاخر الاسلام في شريعته السهلة السمحة نظير الطلاق وتعدد الزوجات كثير من قوانينه ولكن ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يسمعون يقول القائل: لان أزنى أحب إلي من أن أتمتع أو أمتع.
* * * ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين - 12. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين - 13. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست