تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٦٣
قوله تعالى: " واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا " قد تقدم معنى المخلص بفتح اللام وأنه الذي أخلصه الله لنفسه فلا نصيب لغيره تعالى فيه لا في نفسه ولا في عمله، وهو أعلى مقامات العبودية. وتقدم أيضا الفرق بين الرسول والنبي.
قوله تعالى: " وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا الأيمن: صفة لجانب أي الجانب الأيمن من الطور وفي المجمع: النجي بمعنى المناجي كالجليس والضجيع.
وظاهر أن تقريبه عليه السلام كان تقريبا معنويا وإن كانت هذه الموهبة الإلهية في مكان وهو الطور ففيه كان التكليم، ومثاله من الحس أن ينادي السيد العزيز عبده الذليل فيقربه من مجلسه حتى يجعله نجيا يناجيه ففيه نيل ما لا سبيل لغيره إليه.
قوله تعالى: " ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا " إشارة إلى إجابة ما دعا به موسى عند ما أوحي إليه لأول مرة في الطور إذ قال: " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري " طه: 32.
قوله تعالى: " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد إلى آخر الآيتين. اختلفوا في " إسماعيل هذا فقال الجمهور هو إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمان، وإنما ذكر وحده ولم يذكر مع إسحاق ويعقوب اعتناء بشأنه، وقيل هو غيره، وهو إسماعيل بن حزقيل من أنبياء بني إسرائيل، ولو كان هو ابن إبراهيم لذكر مع إسحاق ويعقوب.
ويضعف ما وجه به قول الجمهور: إنه استقل بالذكر اعتناء بشأنه، أنه لو كان كذلك لكان الأنسب ذكره بعد إبراهيم وقبل موسى عليه السلام لا بعد موسى.
قوله تعالى: " وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا " المراد بأهله خاصته من عترته وعشيرته وقومه كما هو ظاهر اللفظ، وقيل: المراد بأهله أمته وهو قول بلا دليل.
والمراد بكونه عند ربه مرضيا كون نفسه مرضية دون عمله كما ربما فسره به بعضهم فإن اطلاق اللفظ لا يلائم تقييد الرضا بالعمل.
قوله تعالى: " واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا إلى آخر
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست