تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٧٠
فكان إدريس يسأله وكان مما سأله: أنك أخبرت أنك أكرم الملائكة على ملك الموت وأمكنهم عنده فاشفع لي إليه ليؤخر أجلي حتى ازداد شكرا وعبادة فقال الملك: لا يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها. قال: نعم ولكنه أطيب لنفسي. قال الملك أنا مكلمه لك، وما كان يستطيع أن يفعله لاحد من بني آدم فهو فاعله لك.
ثم حمله الملك على جناحه ورفعه إلى السماء فوضعه عند مطلع الشمس ثم أتى ملك الموت وذكر له حاجة إدريس وشفع له فقال ملك الموت: ليس ذلك إلى ولكن إن أحببت أعلمته أجله. قال: نعم فنظر في ديوانه وأخبره باسمه وقال: ما أراه يموت أبدا. فإنه أجده يموت عند مطلع الشمس! قال: فإني أتيتك وقد تركته هناك. قال له: انطلق فلا أراك تجده إلا ميتا فوالله ما بقي من أجله شئ فرجع الملك إليه فوجده ميتا.
ورواه في الدر المنثور عن ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس عن كعب إلا أن فيه أن النازل على إدريس الملك الذي كان يرفع إليه عمله وقد كان يرفع له من العمل ما يعدل عمل أهل الأرض في زمانه فأعجبه ذلك فسأل الله أن ينزل إليه فأذن له فنزل إليه وصحبه " الخ " وروى ابن أبي حاتم بطريق آخر عن ابن عباس هذا الحديث وفيه أن إدريس مات بين جناحي الملك.
وفي الدر المنثور أخرج ابن المنذر عن عمر مولى غفرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن إدريس كان يرفع له وحده من العمل ما يعدل عمل أهل الأرض كلهم فأعجب ذلك ملك الموت فاستاذن الله في النزول إلى الأرض وصحبته فأذن له فنزل إليه وصحبه فكانا يسيحان في الأرض ويعبدان الله فأعجب إدريس ما رآه من عبادة صاحبه من غير كسل ولا فتور فسأله عن ذلك وأحفى في السؤال حتى عرفه ملك الموت نفسه وذكر له قصة نزوله وصحبته.
فلما عرفه إدريس سأله ثلاث حوائج له: أن يقبض روحه ساعة ثم يردها إليه فاستأذن الله وفعل، وأن يرفعه إلى السماء ويريه النار فاستاذن وفعل، وأن يريه الجنة فاستأذن وفعل فدخل الجنة وأكل من ثمارها وشرب من مائها فقال له ملك الموت:
أخرج يا نبي الله فقد أصبت حاجتك، فامتنع من الخروج وتعلق بشجرة هناك
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست