بقوله: (في الله) وهو كل ما يرجع إليه تعالى، ويؤيده أيضا قوله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت: 69.
وعلى ذلك فمعنى كون الجهاد فيه حق جهاده أن يكون متمحضا في معنى الجهاد ويكون خالصا لوجهه الكريم لا يشاركه فيه غيره نظير تقوى الله حق تقواه في قوله:
(اتقوا الله حق تقاته) آل عمران 124.
وقوله: (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج) امتنان منه تعالى على المؤمنين بأنهم ما كانوا لينالوا سعادة الدين من عند أنفسهم وبحولهم غير أن الله من عليهم إذ وفقهم فاجتباهم وجمعهم للدين، ورفع عنهم كل حرج في الدين امتنانا سواء كان حرجا في أصل الحكم أو حرجا طارئا عليه اتفاقا فهي شريعة سهلة سمحة ملة أبيهم إبراهيم الحنيف الذي أسلم لربه.
وإنما سمى إبراهيم أبا المسلمين لأنه عليه السلام أول من أسلم لله كما قال تعالى: (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) البقرة: 131، وقال حاكيا عنه عليه السلام:
(فمن تبعني فإنه مني) إبراهيم: 36 فنسب اتباعه إلى نفسه، وقال أيضا: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) إبراهيم: 35، ومراده ببنيه المسلمون دون المشركين قطعا وقال: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا) آل عمران: 68.
وقوله: (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا) امتنان ثان منه تعالى على المؤمنين بعد الامتنان بقوله: (هو اجتباكم) فالضمير له تعالى وقوله: (من قبل) أي من قبل نزول القرآن وقوله: (وفي هذا) أي وفي هذا الكتاب وفي امتنانه عليهم بذكر أنه سماهم المسلمين دلالة على قبوله تعالى إسلامهم.
وقوله: (ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) المراد به شهادة الأعمال وقد تقدم الكلام في معنى الآية في سورة البقرة الآية وغيرها وفي الآية تعليل ما تقدم من حديث الاجتباء ونفي الحرج وتسميتهم مسلمين.
وقوله: (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله) تفريع على جميع ما تقدم مما أمتن به عليهم أي فعلى هذا يجب عليكم أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وهو إشارة إلى العمل بالأحكام العبادية والمالية وتعتصموا بالله في جميع الأحوال فتأتمروا