النفس المدركة فهو الذي يبعث الانسان إلى متابعة ما يعقله أو سمعه من ناصح مشفق عد إدراك القلب لذلك رؤية له ومشاهدة منه، ولذلك عد من لا يعقل ولا يسمع أعمى القلب ثم بولغ فيه بأن حقيقة العمى هي عمى القلب دون عمى العين لان الذي يعمى بصره يمكنه أن يتدارك بعض منافعه الفائتة بعصا يتخذها أو بهاد يأخذه بيده وأما القلب فلا بدل له يتسلى به، وهو قوله تعالى: " فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
وجعل الصدر ظرفا للقلب من المجاز في النسبة وفي الكلام مجاز آخر ثان من هذا القبيل وهو نسبة العقل إلى القلب وهو للنفس، وقد تقدم التنبيه عليه مرارا.
قوله تعالى: " ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " كان القوم يكذبون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أخبرهم أن الله سبحانه وعده أن يعذبهم إن لم يؤمنوا به فكانوا يستعجلونه بالعذاب استهزاء به وتعجيزا له قائلين: متى هذا الوعد؟ فرد الله عليهم بقوله: " ولن يخلف الله وعده " فإن كان المراد بالعذاب عذاب مشركي مكة فالذي وعدهم من العذاب هو ما ذاقوه يوم بدر وإن كان المراد به ما يقضى به بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين أمته بعذاب موعود لم ينزل بعد وقد أخبر الله عنه في قوله: " ولكن أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم " يونس: 47 إلى آخر الآيات.
وقوله: " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " حكم بتساوي اليوم الواحد والألف سنة عند الله سبحانه فلا يستقل هذا ولا يستكثر ذلك حتى يتأثر من قصر اليوم الواحد وطول الألف سنة فليس يخاف الفوت حتى يعجل لهم العذاب بل هو حليم ذو أناة يمهلهم حتى يستكملوا دركات شقائهم ثم يأخذهم فيما قدر لهم من أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، ولذا عقب الكلام بقوله في الآية التالية: " وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلى المصير ".
وقوله: " وإن يوما عند ربك كألف سنة رد لاستعجالهم بالعذاب بأن الله يستوي عنده قليل الزمان وكثيرة، كما أن قوله: " ولن يخلف الله وعده " تسلية وتأييد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ورد لتكذيبهم له فيما أخبرهم به من وعد الله وتعجيزهم له واستهزائهم به.