فهو تعالى مولاهم ووليهم الذي يدفع عنهم أعداءه كما قال: " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم " سورة محمد: 11.
قوله تعالى: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " ظاهر السياق أن المراد بقوله: " أذن " إنشاء الاذن دون الاخبار عن إذن سابق وإنما هو إذن في القتال كما يدل عليه قوله: " للذين يقاتلون " الخ، ولذا بدل قوله: " الذين آمنوا " من قوله: " الذين يقاتلون " ليدل على المأذون فيه.
والقراءة الدائرة " يقاتلون " بفتح لتاء مبنيا للمفعول أي الذين يقاتلهم المشركون لانهم الذين أرادوا القتال وبدؤهم به، والباء في " بأنهم ظلموا " للسببية وفيه تعليل الاذن في القتال أي أذن لهم فيه بسبب أنهم ظلموا، وأما ما هو الظلم فتفسيره قوله:
" الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق " الخ.
وفي عدم التصريح بفاعل " أذن " تعظيم وتكبير ونظيره ما في قوله: وإن الله على نصرهم لقدير " من ذكر القدرة على النصر دون فعليته فإن فيه إشارة إلى أنه مما لا يهتم به لأنه هين على من هو على كل شئ قدير.
والمعنى أذن - من جانب الله - للذين يقاتلهم المشركون وهم المؤمنون بسبب أنهم ظلموا - من جانب المشركين - وإن الله على نصرهم لقدير، وهو كناية عن النصر.
قوله تعالى: " الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله " إلى آخر الآية بيان جهة كونهم مظلومين وهو أنهم أخرجوا من ديارهم وقد أخرجهم المشركون من ديارهم بمكة بغير حق يجوز لهم إخراجهم.
ولم يخرجوهم بحمل وتسفير بل آذوهم وبالغوا في إيذائهم وشددوا بالتعذيب والتفتين حتى اضطروهم إلى الهجرة من مكة والتغرب عن الوطن ترك الديار والأموال فقوم إلى الحبشة وآخرون إلى المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإخراجهم إياهم إلجاؤهم إلى الخروج.
وقوله: " إلا أن يقولوا ربنا الله " استثناء منقطع معناه ولكن أخرجوا بسبب أن يقولوا ربنا الله، وفيه إشارة إلى أن المشركين انحرفوا في فهمهم وألحدوا عن الحق إلى حيث جعلوا قول القائل ربنا الله وهو كلمة الحق يبيح لهم أن يخرجوه من داره.
وقيل: الاستثناء متصل والمستثنى منه هو الحق والمعنى أخرجوا بغير حق إلا