قوله تعالى: " وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين " معطوف على ما عطف عليه ما قبله أي واذكر زكريا حين نادى ربه يسأل ولدا وقوله:
" رب لا تذرني فردا " بيان لندائه، والمراد بتركه فردا أن يترك ولا ولد له يرثه.
وقوله: " وأنت خير الوارثين " ثناء وتحميد له تعالى بحسب لفظه ونوع تنزيه له بحسب المقام إذ لما قال: " لا تذرني فردا " وهو كناية عن طلب الوارث والله سبحانه هو الذي يرث كل شئ نزهه تعالى عن مشاركة غيره له في معنى الوراثة ورفعه عن مساواة غيره فقال: " وأنت خير الوارثين.
قوله تعالى: " فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه " الخ. ظاهر الكلام أن المراد بإصلاح زوجه أي زوج زكريا له جعلها شابة ولودا بعد ما كانت عاقرا كما يصرح به في دعائه " وكانت امرأتي عاقرا " مريم: 8.
وقوله: " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " ظاهر السياق أن ضمير الجمع لبيت زكريا، وكأنه تعليل لمقدر معلوم من سابق الكلام والتقدير نحو من قولنا أنعمنا عليهم لانهم كانوا يسارعون في الخيرات.
والرغب والرهب مصدران كالرغبة والرهبة بمعنى الطمع والخوف وهما تمييزان إن كانا باقيين على معناهما المصدري وحالان إن كانا بمعنى الفاعل، والخشوع هو تأثر القلب من مشاهدة العظمة والكبرياء.
والمعنى: أنعمنا عليهم لانهم كانوا يسارعون في الخيرات من الأعمال ويدعوننا رغبة في رحمتنا أو ثوابنا رهبة من غضبنا أو عقابنا أو يدعوننا راغبين راهبين وكانوا لنا خاشعين بقلوبهم.
وقد تقدمت قصة زكريا ويحيى عليهما السلام في أوائل سورة مريم.
قوله تعالى: " والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين " المراد بالتي أحصنت فرجها مريم ابنة عمران وفيه مدح لها بالعفة والصيانة ورد لما اتهمها به اليهود.
وقوله: فنفخنا فيها من روحنا " الضمير لمريم والنفخ فيها من الروح كناية عن عدم استناد ولادة عيسى عليه السلام إلى العادة الجارية في كينونة الولد من تصور