تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٢٢
الأعراف لامكان أن يكون الترديد هناك لمنع الخلو لا لمنع الجمع، أو يكون الجمع ههنا باعتبار الاتصاف بهما جميعا والترديد هناك باعتبار تعلق النهي كأنه قيل: إن في هذه الشجرة صفتين وإنما نهاكما ربكما عنها إما لهذه أو لهذه، أو إنما نهاكما ربكما عنها أن لا تخلدا في الجنة مع ملك خالد أو أن لا تخلدا بناء على أن الملك الخالد يستلزم حياة خالدة فافهم ذلك وكيف كان فلا منافاة بين الترديد في آية والجمع في أخرى.
قوله تعالى: " فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة " تقدم تفسيره في سورة الأعراف.
قوله تعالى: " وعصى آدم ربه فغوى " الغي خلاف الرشد الذي هو بمعنى إصابة الواقع وهو غير الضلال الذي هو الخروج من الطريق، والهدى يقابلهما ويكون بمعنى الارشاد إذا قابل الغي كما في الآية التالية وبمعنى إراءة الطريق أو الايصال إلى المطلوب بتركيب الطريق إذا قابل الضلال فليس من المرضي تفسير الغي في الآية بمعنى الضلال.
ومعصية آدم ربه - كما أشرنا إليه آنفا وقد تقدم تفصيله - إنما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي والأنبياء عليهم السلام معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحي إليهم من جهة تلقيه فلا يخطؤون، ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون، ومن جهة إلقائه إلى الناس وتبليغه لهم قولا فلا يقولون إلا الحق الذي أوحي إليهم وفعلا فلا يخالف فعلهم قولهم ولا يقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة لان في الفعل تبليغا كالقول، وأما المعصية بمعنى مخالفة الامر الارشادي الذي لا داعي فيه إلا إحراز المأمور خيرا أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحا فإطاعته ومعصيته خارجتان من مجرى أدلة العصمة وهو ظاهر.
وليكن هذا معنى قول القائل إن الأنبياء عليهم السلام على عصمتهم يجوز لهم ترك الأولى ومنه أكل آدم عليه السلام من الشجرة والآية من معارك الآراء وقد اختلفت فيها التفاسير على حسب اختلاف مذاهبهم في عصمته الأنبياء وكل يجر النار إلى قرصته.
قوله تعالى: " ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى " الاجتباء - كما تقدم
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست