صلاح أمره ونصحا: إن هذا الابي عن السجدة - إبليس - عدو لك ولزوجك الخ.
وقوله: " فلا يخرجنكما من الجنة " توجيه نهى إبليس عن إخراجهما من الجنة إلى آدم كناية عن نهيه عن طاعته أو عن الغفلة عن كيده والاستهانة بمكره أي لا تطعه أو لا تغفل عن كيده وتسويله حتى يتسلط عليكما ويقوى على إخراجكما من الجنة وإشقائكما.
وقد ذكر الإمام الرازي في تفسيره وجوها لسبب عداوة إبليس لادم وزوجه وهي وجوه سخيفة لا فائدة في الاطناب بنقلها، والحق أن السبب فيها هو طرده من حضرة القرب ورجمه وجعل اللعن عليه إلى يوم القيامة كما يظهر من قوله لعنه الله على ما حكاه الله: " قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين " الحجر: 39.
وقوله: " قال أرأيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا " أسري: 62، ومعلوم أن تكريم آدم عليه هو تكريم نوع الانسان عليه كما أن أمره بالسجدة له كان أمرا بالسجدة لنوع الانسان فأصل السبب هو تقدم الانسان وتأخر الشيطان ثم الطرد واللعن.
وقوله: " فتشقى " تفريع على خروجهما من الجنة والمراد بالشقاء التعب أي فتتعب إن خرجتما من الجنة وعشتما في غيرها وهو الأرض عيشة أرضية لتهاجم الحوائج وسعيك في رفعها كالحاجة إلى الطعام والشراب واللباس والمسكن وغيرها.
والدليل على أن المراد بالشقاء التعب الآيتان التاليتان المشيرتان إلى تفسيره: " إن لك أن تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى ".
وهو أيضا دليل على أن النهي إرشادي ليس في مخالفته إلا الوقوع في المفسدة المترتبة على نفس الفعل وهو تعب السعي في رفع حوائج الحياة واكتساب ما يعاش به وليس بمولوي تكون نفس مخالفته مفسدة يقع فيها العبد وتستتبع مؤاخذة أخروية.
على أنك عرفت أنه عهد قبل تشريع أصل الدين الواقع عند الامر بالخروج من الجنة والهبوط إلى الأرض.
وأما إفراد قوله: " فتشقى " ولم يقل فتشقيا بصيغة التثنية فلان العهد إنما نزل على آدم عليه السلام وكان التكليم متوجها إليه، ولذلك جيئ بصيغة الافراد في جميع ما