تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٢٧
قوله تعالى: " قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " الآية جواب سؤال السائل: رب لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيرا؟ والإشارة في قوله:
" كذلك أتتك " إلى حشره أعمى المذكور في السؤال، وفي قوله: " وكذلك اليوم إلى معنى قوله: " أتتك آياتنا فنسيتها " والمعنى قال " كما حشرناك أعمى أتتك آياتنا فنسيتها وكما أتتك آياتنا فنسيتها ننساك اليوم أي إن حشرك اليوم أعمى وتركك لا تبصر شيئا مثل تركك آياتنا في الدنيا كما يترك الشئ المنسي وعدم اهتدائك بها مثل تركنا لك اليوم وعدم هدايتك بجعلك بصيرا تهتدى إلى النجاة، وبعبارة أخرى إنما جازيناك في هذا اليوم بمثل ما فعلت في الدنيا كما قال تعالى: " وجزاء سيئة سيئة مثلها " الشورى: 40.
وقد سمى الله سبحانه معصية المجرمين وهم المعرضون عن ذكره التاركون لهداه نسيانا لاياته، ومجازاتهم بالاعماء يوم القيامة نسيانا منه لهم وانعطف بذلك آخر الكلام إلى أوله وهو معصية آدم التي سماها نسيانا لعهده إذ قال: " ولقد عهدنا إلى آدم فنسي " فكأن قصة جنة آدم بما لها من الخصوصيات كانت مثالا من قبل يمثل به ما سيجري على بنيه من بعده إلى يوم القيامة فيمثل بنهيه عن اقتراب الشجرة الدعوة الدينية والهدى الإلهي بعده، و بمعصيته التي كانت نسيانا للعهد معاصي بنيه التي هي نسيان لذكره تعالى وآياته المذكرة، وإنما الفرق أن ابتلاء آدم كان قبل تشريع الشرائع فكان النهي المتوجه إليه إرشاديا وما ابتلي به من المخالفة من قبيل ترك الأولى بخلاف الامر في بنيه.
(بحث روائي) في تفسير القمي في قوله تعالى: " ولقد عهدنا إلى آدم من فنسى ولم نجد له عزما " قال: فيما نهاه عنه من أكل الشجرة.
وفي تفسير العياشي عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليه السلام قال: سألته كيف أخذ الله آدم بالنسيان؟ فقال: إنه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره ويقول له إبليس: " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين "؟
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست