تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٢١
يرجع إليه كقوله: " فنسي ولم نجد له عزما " فتشقى " " أن لا تجوع فيها ولا تعرى " " لا تظمؤ فيها ولا تضحى " " فوسوس إليه " الخ " فعصى " الخ " ثم اجتباه ربه فتاب عليه " نعم جيئ بلفظ التثنية فيما لا غنى عنه كقوله: " عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما " " فأكلا منها فبدت لهما " " وطفقا يخصفان عليهما " " قال اهبطا منها بعضكم لبعض عدو " فتدبر فيه.
وقيل: إن إفراد " تشقى " من جهة أن نفقه المرأة على المرء ولذا نسب الشقاء وهو التعب في اكتساب المعاش إلى آدم، وفيه أن الآيتين التاليتين لا تلائمان ذلك ولو كان كما قال لقيل: إن لكما أن لا تجوعا الخ، وقيل أن الافراد لرعاية الفواصل وهو كما ترى.
قوله تعالى: " إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى " يقال: ضحى يضحى كسعى يسعى ضحوا وضحيا إذا أصابته الشمس أو برز لها وكأن المراد بعدم الضحو أن ليس هناك أثر من حرارة الشمس حتى تمس الحاجة إلى الاكتنان في مسكن يقي من الحر والبرد. وقد رتبت الأمور الأربعة على نحو اللف والنشر المرتب لرعاية الفواصل والأصل في الترتيب أن لا تجوع فيها ولا تظمأ ولا تعرى ولا تضحى.
قوله تعالى: " فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " الشيطان هو الشرير لقب به إبليس لشرارته، والمراد بشجرة الخلد الشجرة المنهية والبلى صيرورة الشئ خلقا خلاف الجديد.
والمراد بشجرة الخلد شجرة يعطي أكلها خلود الحياة والمراد بملك لا يبلى سلطنة لا تتأثر عن مرور الدهور واصطكاك المزاحمات والموانع فيؤل المعنى إلى نحو قولنا هل أدلك على شجرة ترزق بأكل ثمرتها حياة خالدة وملكا دائما فليس قوله:
" لا يبلى " تكرارا لإفادة التأكيد كما قيل.
والدليل على ما ذكره ما في سورة الأعراف في هذا المعنى من قوله: " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين " الأعراف: 20 ولا منافاة بين جمع خلود الحياة ودوام الملك ههنا بواو الجمع وبين الترديد بينهما في سورة
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست