تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢١٠
زرقا كونهم عميا لان العين إذا ذهب نورها أزرق ناظرها وهو معنى حسن ويؤيده. قوله تعالى: " ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا " أسري: 97.
وقيل: المراد زرقة أبدانهم من التعب والعطش، وقيل: زرقة عيونهم لان أسوا ألوان العين وأبغضها عند العرب زرقتها، وقيل: المراد به كونهم عطاشا لان العطش الشديد يغير سواد العين ويريها كالأزرق وهي وجوه غير مرضية.
قوله تعالى: " يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا - إلى قوله - إلا يوما " التخافت تكليم القوم بعضهم بعضا بخفض الصوت وذلك من أهل المحشر لهول المطلع، وقوله: " إن لبثتم إلا عشرا " بيان لكلامهم الذي يتخافتون فيه، ومعنى الجملة على ما يعطيه السياق: يقولون ما لبثتم في الدنيا قبل الحشر إلا عشرة أيام، يستقلون لبثهم فيها بقياسه إلى ما يلوح لهم من حكم الخلود والأبدية.
وقوله: " نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة أن لبثتم إلا يوما " أي لنا إحاطة علمية بجميع ما يقولون في تقرير لبثهم إذ يقول أمثلهم طريقة أي الأقرب منهم إلى الصدق إن لبثتم في الأرض إلا يوما وإنما كان قائل هذا القول أمثل القوم طريقه وأقربها إلى الصدق لان اللبث المحدود الأرضي لا مقدار له إذا قيس من اللبث الأبدي الخالد، وعده يوما وهو أقل من العشرة أقرب إلى الواقع من عده عشرة والقول مع ذلك نسبي غير حقيقي وحقيقة القول فيه ما حكاه سبحانه في قوله: " وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون " الروم: 56 وسيجئ استيفاء البحث في معنى هذا اللبث في تفسير الآية إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: " ويسألونك عن الجبال - إلى قوله - ولا أمتا تدل الآية على أنهم سألوه صلى الله عليه وآله وسلم عن حال الجبال يوم القيامة فأجيب عنه بالآيات.
وقوله: " فقل ينسفها ربي نسفا " أي يذرؤها ويثيرها فلا يبقى منها في مستقرها شئ وقوله فيذرها قاعا صفصفا " القاع الأرض المستوية والصفصف الأرض المستوية الملساء، والمعنى فيتركها أرضا مستوية ملساء لا شئ عليها، وكأن الضمير للأرض باعتبار أنها كانت جبالا، وقوله: لا ترى فيها عوجا ولا أمتا قيل: العوج
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست