تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٠٩
نقص عليك من أخبار ما قد مضى من الحوادث والأمم.
وقوله: " وقد آتيناك من لدنا ذكرا " المراد به القرآن الكريم أو ما يشتمل عليه من المعارف المتنوعة التي يذكر بها الله سبحانه من حقائق وقصص وعبر وأخلاق وشرائع وغير ذلك.
قوله تعالى: " من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا " ضمير " عنه " للذكر والوزر الثقل والاثم والظاهر بقرينه الحمل إرادة المعنى الأول وتنكيره للدلالة على عظم خطره، والمعنى من أعرض عن الذكر فإنه يحمل يوم القيامة ثقلا عظيم الخطر ومر الأثر، شبه الاثم من حيث قيامة بالانسان بالثقل الذي يحمله الانسان وهو شاق عليه فاستعير له اسمه. قوله تعالى خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا " المراد من خلودهم في الوزر خلودهم في جزائه وهو العذاب بنحو الكناية والتعبير في " خالدين " بالجمع باعتبار معنى قوله: " من أعرض عنه " كما أن التعبير في " أعرض " و " فإنه يحمل " باعتبار لفظه، فالآية كقوله: " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا " الجن: 23.
ومع الغض عن الجهات اللفظية فقوله: من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيها " من أوضح الآيات دلالة على أن الانسان إنما يعذب بعمله ويخلد فيه وهو تجسم الأعمال.
وقوله: " وساء لهم يوم القيامة حملا " ساء من أفعال الذم كبئس، والمعنى:
وبئس الحمل حملهم يوم القيامة، والحمل بكسر الحاء وفتحها واحد، غير أن ما بالكسر هو المحمول في الظاهر كالمحمول على الظهر وما بالفتح هو المحمول في الباطن كالولد في البطن.
قوله تعالى: " يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا " " يوم ينفخ " الخ، بدل من يوم القيامة في الآية السابقة، ونفخ في الصور كناية عن الاحضار والدعوة ولذا أتبعه فيما سيأتي بقوله: " يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له " الآية 108 من السورة.
والزرق جمع أزرق من الزرقة وهي اللون الخاص، وعن الفراء ان المراد بكونهم
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست