تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٩٨
وقوله: " وإن لك موعدا لن تخلفه " ظاهره أنه إخبار عن هلاكه في وقت عينه الله وقضاه قضاء محتوما ويحتمل الدعاء عليه، وقيل: المراد به عذاب الآخرة.
قوله تعالى: " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا " قال في المجمع: يقال: نسف فلان الطعام إذا ذراه بالمنسف ليطير عنه قشوره. انتهى.
وقوله: " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا " أي ظللت ودمت عليه عاكفا لازما، وفيه دلالة على أنه كان اتخذه إلها له يعبده.
وقوله: " لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا " أي أقسم لنحرقنه بالنار ثم لنذرينه في البحر ذروا، وقد استدل بحديث إحراقه على أنه كان حيوانا ذا لحم ودم ولو كان ذهبا لم يكن لاحراقه معنى، وهذا يؤيد تفسير الجمهور السابق أنه صار حيوانا ذا روح بإلقاء التراب المأخوذ من أثر جبريل. عليه لكن الحق أنه إنما يدل على أنه لم يكن ذهبا خالصا لا غير.
وقد احتمل بعضهم أن يكون لنحرقنه من حرق الحديد إذا برده بالمبرد، والمعنى:
لنبردنه بالمبرد ثم لنذرين برادته في البحر وهذا أنسب.
قوله تعالى: " إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما " الظاهر أنه من تمام كلام موسى عليه السلام يخاطب به السامري وبني إسرائيل وقد قرر بكلامه هذا توحده تعالى في ألوهيته فلا يشاركه فيها غيره من عجل أو أي شريك مفروض، وهو بسياقه من لطيف الاستدلال فقد استدل فيه بأنه تعالى هو الله على أنه لا إله إلا هو وبذلك على أنه لا غير إلههم.
قيل: وفي قوله: " وسع كل شئ علما " دلالة على أن المعدوم يسمى شيئا لكونه معلوما وفيه مغالطة فإن مدلول الآية أن كل ما يسمى شيئا فقد وسعه علمه لا أن كل ما وسعه علمه فهو يسمى شيئا والذي ينفع المستدل هو الثاني دون الأول.
(بحث روائي) في التوحيد بإسناده إلى حمزة بن الربيع عمن ذكره قال: كنت في مجلس أبي جعفر عليه السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى:
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست