تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٠٤
سبب طبيعي عادى وأما الحياة فلا ذكر لها فيه بل ظاهر قوله بدخول الريح في جوفه وخروجه بصوت عدم اتصافه بالحياة.
على أن ما فيه من إخفاء أم السامري إياه لما ولدته في غار خوفا من أن يذبحه فرعون وأن جبريل كان يأتيه فيغذوه بأصابعه حتى نشأ مما لا يعتمد عليه وكون السامري من بني إسرائيل غير معلوم بل أنكره ابن عباس نفسه في خبر سعيد بن جبير المفصل في القصة وروى عن أبن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان من أهل كرمان.
وفيه أخرج ابن أبي حاتم عن السدى قال: انطلق موسى إلى ربه فكلمه فلما كلمه قال له: ما أعجلك عن قومك يا موسى؟ قال: هم أولاء على أثرى وعجلت إليك رب لترضى قال فانا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فلما خبره خبرهم قال:
يا رب هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا قال: يا رب فأنت إذا أضللتهم.
ثم رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال: حزينا قال: يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا - إلى قوله - ما أخلفنا موعدك بملكنا يقول: بطاقتنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم يقول: من حلي القبط فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشى فقال لهم هارون يا قوم إنما فتنتم به يقول: ابتليتم بالعجل قال: فما خطبك يا سامري ما بالك - إلى قوله - وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه.
قال: فأخذه وذبحه ثم حرقه بالمبرد يعني سحكه ثم ذراه في اليم - فلم يبق نهر يجرى يومئذ إلا وقع فيه منه شئ ثم قال لهم موسى: اشربوا منه فشربوا فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب، فذلك حين يقول: وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم. الحديث.
أقول: ومن عجيب ما اشتمل عليه قصة إنبات الذهب على شوارب محبي العجل عن شرب الماء، وحمله قوله تعالى: " وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم " عليه ولفظة " في قلوبهم " نعم الدليل على أن المراد بالاشراب حلول حبه ونفوذه في قلوبهم دون شرب الماء الذي نسف فيه بعد السحك.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست