تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢١
والأصل في معناه الامتناع.
ومن هنا يظهر أن الجمل الثلاث مسوقة لبيان جوامع أحواله بالنسبة إلى الخالق والمخلوق، فقوله: " وكان تقيا " حاله بالنسبة إلى ربه، وقوله: " وبرا بوالديه " حاله بالنسبة إلى والدية، وقوله: " ولم يكن جبارا عصيا " حاله بالنسبة إلى سائر الناس، فكان رؤفا رحيما بهم ناصحا متواضعا لهم يعين ضعفاءهم ويهدى المسترشدين منهم، وبه يظهر أيضا أن تفسير بعضهم لقوله: " عصيا " بقوله: أي عاصيا لربه ليس على ما ينبغي.
قوله تعالى: " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " السلام قريب المعنى من الامن، والذي يظهر من موارد استعمالها في الفرق بينهما أن الامن خلو المحل مما يكرهه الانسان ويخاف منه والسلام كون المحل بحيث كل ما يلقاه الانسان فيه فهو يلائمه من غير أن يكرهه ويخاف منه.
وتنكير السلام لإفادة التفخيم أي سلام فخيم عليه مما يكرهه في هذه الأيام الثلاثة التي كل واحد منها مفتتح عالم من العوالم التي يدخلها الانسان ويعيش فيها فسلام عليه يوم ولد فلا يمسه مكروه في الدنيا يزاحم سعادته، وسلام عليه يوم يموت، فسيعيش في البرزخ عيشة نعيمة، وسلام عليه يوم يبعث حيا فيحيى فيها بحقيقة الحياة ولا نصب ولا تعب.
وقيل: " إن تقييد البعث بقوله: " حيا " للدلالة على أنه سيقتل شهيدا لقوله تعالى في الشهداء: " بل أحياء عند ربهم يرزقون " آل عمران: 169.
واختلاف التعبير في قوله: " ولد " " يموت " يبعث " لتمثيل أن التسليم في حال حياته عليه السلام.
(بحث روائي) في المجمع: وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه قال في دعائه: أسألك يا كهيعص وفي المعاني بإسناده عن سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه السلام في حديث قال: وكهيعص معناه أنا الكافي الهادي الولي العالم الصادق الوعد.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست