تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٦
وفي الكافي بإسناده عن علي بن أسباط قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام وقد خرج إلي فأجدت النظر إليه وجعلت أنظر إلى رأسه ورجليه لا صف قامته لأصحابنا بمصر فبينا أنا كذلك حتى قعد فقال: يا علي إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال: " وآتيناه الحكم صبيا " " ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة " فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي، ويجوز أن يؤتى الحكمة وهو ابن أربعين سنة.
أقول: وفي الرواية تفسير الحكم بالحكمة فتؤيد ما قدمناه.
وفي الدر المنثور أخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: " ولم يكن جبارا عصيا " قال: كان سعيد بن المسيب يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا. قال قتادة وقال الحسن: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أذنب يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة.
وفيه: أخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى بن زكريا لم يهم بخطيئة ولم يعملها.
أقول: وهذا المعنى مروي من طرق أهل السنة بألفاظ مختلفة وينبغي تخصيص الجميع بأهل العصمة من الأنبياء والأئمة وإن كانت آبية عنه ظاهرا لكن الظاهر أن ذلك ناشئ من سوء تعبير الرواة لابتلائهم بالنقل بالمعنى وتوغلهم فيه. وبالجملة الاخبار في زهد يحيى عليه السلام كثيرة فوق الاحصاء، وكان عليه السلام - على ما فيها - يأكل العشب ويلبس الليف وبكى من خشية الله حتى اتخذت الدموع مجرى في وجهه.
وفيه: أخرج ابن عساكر عن قرة قال: ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى ابن زكريا والحسين بن علي، وحمرتها بكاؤها.
أقول: وروى هذا المعنى في المجمع عن الصادق عليه السلام، وفي آخره: وكان قاتل يحيى ولد زنا وقاتل الحسين ولد زنا.
وفيه أخرج الحاكم وابن عساكر عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم:
إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا.
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست