تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٦٤
أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى (77) - فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم (78) - وأضل فرعون قومه وما هدى (79).
(بيان) فصل آخر من قصة موسى عليه السلام يذكر فيه خبر ذهاب موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون وتبليغهما رسالة ربهما في نجاة بني إسرائيل. وقد فصل في الآيات خبر ذهابهما إليه وإظهارهما آيات الله ومقابلة السحرة وظهور الحق وإيمان السحرة واشير إجمالا إلى إسراء بني إسرائيل وشق البحر وإتباع فرعون لهم بجنوده وغرقهم.
قوله تعالى: " قال فمن ربكما يا موسى " حكاية لمحاورة موسى وفرعون وقد علم مما نقله تعالى من أمره تعالى لهما أن يذهبا إلى فرعون يدعواه إلى التوحيد ويكلماه في إرسال بني إسرائيل معهما ما قالا له فهو محذوف وما نقل من كلام فرعون جوابا دال عليه.
ويظهر مما نقل من كلام فرعون أنه علم بتعريفهما أنهما معا داعيان شريكان في الدعوة غير أن موسى هو الأصل في القيام بها وهارون وزيره ولذا خاطب موسى وحده وسأل عن ربهما معا. وقد وقع في كلمة الدعوة التي أمرا بأن يكلماه بها " إنا " رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك الخ، لفظ " ربك " خطابا لفرعون مرتين وهو لا يرى لنفسه ربا بل يرى نفسه ربا لهما ولغيرهما كما قال في بعض كلامه المنقول منه: " أنا ربكم الاعلى: النازعات: 24، وقال: " لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين " الشعراء: 29، فقوله: " فمن ربكما " - وكان الحري بالمقام أن يقول: فمن ربي الذي تدعيانه ربا لي؟ أو ما يقرب من ذلك - يلوح إلى أنه يتغافل عن كونه سبحانه ربا له كأنه لم يسمع قولهما " ربك " ويسأل عن ربهما الذي هما رسولان من عنده.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست