تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٧٥
منه والتنازع يتعدى بنفسه كما في الآية وبفي كقوله: " فإن تنازعتم في شئ " النساء: 59.
والنجوى الكلام الذي يسار به، وأصله مصدر بمعنى المناجاة وهي المسارة في الكلام، والمثلى مؤنث أمثل كفضلي وأفضل وهو الأقرب الأشبه والطريقة المثلى السنة التي هي أقرب من الحق أو من أمنيتهم وهي سنة الوثنية التي كانت مصر اليوم تدار بها وهي عبادة الالهة وفي مقدمتها فرعون إله القبط، والاجماع - على ما ذكره الراغب - جمع الشئ عن فكر وترو، والصف جعل الأشياء على خط مستو كالانسان والأشجار ونحو ذلك ويستعمل مصدرا واسم مصدر وقوله: " ثم ائتوا صفا " يحتمل أن يكون مصدرا، وأن يكون بمعنى صافين أي ائتوه باتحاد واتفاق من دون أن تختلفوا وتتفرقوا فتضعفوا وكونوا كيد واحدة عليه.
ويظهر من تفريع قوله: " فتنازعوا أمرهم " على ما في الآية السابقة من قوله:
" قال موسى " الخ أن التنازع والاختلاف إنما ظهر بينهم عن موعظة وعظهم بها موسى فأثرت فيهم بعض أثرها ومن شأنها ذلك إذ ليست إلا كلمة حق ما فيها مغمض وكان محصلها أن لا علم لكم بما تدعونه من ألوهية الالهة وشفاعتها فنسبتكم الشركاء والشفعاء إلى الله افتراء عليه وقد خاب من افترى وهذا برهان واضح لا ستر عليه ولا غبار.
ويظهر من قوله الآتي الحاكي لقول السحرة: " إنا آمنا بربنا؟؟ ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر " أن الاختلاف إنما ظهر أول ما ظهر بين السحرة ومنهم وربما أشعر قوله الآتي: " ثم ائتوا صفا " أن المترددين في مقابلة موسى منهم أو العازمين على ترك مقابلته أصلا كانوا بعض السحرة إن كان الخطاب متوجها إليهم ولعل السياق يساعد على ذلك.
وكيف كان لما رأي فرعون وأياديه تنازع القوم - وفيه خزيهم وخذلانهم - أسروهم النجوى ولم يكلموهم فيما ألقاه إليهم موسى من الحكمة والموعظة بل عدلوا عن ذلك إلى ما اتهمه فرعون بالسحر وطرح خطة سياسية لاخراج أمة القبط من أرضهم ولا ترضى الأمة بذلك ففيه خروج من ديارهم وأموالهم وسقوط من أوج سعادتهم إلى حضيض الشقاء وهم يرون ما يقاسيه بنو إسرائيل بينهم.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست