وخبرة كما يرجع السالك وهو لا يعرف الطريق إلى الدليل لكن مع علمه بخبرته ومعرفته، ويرجع المريض إلى الطبيب ومثله أرباب الحوائج إلى مختلف الصناعات المتعلقة بحوائجهم إلى أصاب تلك الصناعات.
ويتحصل من ذلك أنه لا يتخطى العلم في مسير حياته بحسب ما تهدى إليه فطرته غير أنه يعد ما يثق به نفسه ويطمئن إليه قلبه علما وان لم يكن ذاك اليقين الذي يسمى علما في صناعة البرهان من المنطق.
فله في كل مسالة ترد عليه اما علم بنفس المسألة واما دليل علمي بوجوب العمل بما يؤديه ويدل عليه، وعلى هذا ينبغي ان ينزل قوله سبحانه (ولا تقف ما ليس لك به علم) فاتباع الظن عن دليل علمي بوجوب اتباعه اتباع للعلم كاتباع العلم في مورد العلم.
فيؤل المعنى إلى أنه يحرم الاقتحام على اعتقاد أو عمل يمكن تحصيل العلم به الا بعد تحصيل العلم، والاقتحام على ما لا يمكن فيه ذلك الا بعد الاعتماد على دليل علمي يجوز الاقتحام والورود وذلك كأخذ الاحكام عن النبي واتباعه واطاعته فيما يأمر به وينهى عنه عن قبل ربه وتناول المريض ما يأمر به الطبيب والرجوع إلى أصحاب الصنائع فيما يرجع إلى صناعتهم فان الدليل العلمي على عصمة النبي دليل علمي على مطابقة ما يخبر به أو ما يأمر به وينهى عنه الواقع وإصابة من اتبعه الصواب، والحجة العلمية على خبرة الطبيب في طبه وأصحاب الصناعات في صناعاتهم حجة علمية على إصابة من يرجع إليهم فيما يعمل به.
ولولا كون الاقتحام على العمل عن حجة علمية على وجوب الاقتحام اقتحاما علميا لكانت الآية قاصرة عن الدلالة على مدلولها من رأس فان الطريق إلى فهم مدلول الآية هو ظهورها اللفظي فيه، والظهور اللفظي من الأدلة الظنية غير أنه حجة عن دليل علمي وهو بناء العقلاء على حجيته فلو كان غير ما تعلق العلم به بعينه مما لا علم به مطلقا لكان اتباع الظهور ومنه ظهور نفس الآية منهيا عنه بالآية وكانت الآية ناهية عن اتباع نفسه فكانت ناقضة لنفسها.
ومن هنا يظهر اندفاع ما اورده بعضهم في المقام كما عن الرازي في تفسيره ان العمل بالظن كثير في الفروع فالتمسك بالآية تمسك بعام مخصوص وهو لا يفيد الا الظن